أخيرا و كما كان منتظرا صدر الرأي القانوني من الديوان الخاص بتفسير القوانين بخصوص مجلس نقابة الصيادلة المنحل و القادم, و ما إن خرج القرار إلى العلن حتى بدأ حراك نشط داخل المجتمع الصيدلاني وسط تأويلات و تفسيرات عديدة لفحوى القرار و التي ألقت بظلالها على خطط و طموحات و تحضيرات التيارات المتصارعة سواء لانتخابات الدورة التكميلية للمجلس القادم أو التي تليها.
إن القرار القاضي باعتبار الدورة القادمة تكميلية للدورة المنحلة قد أفرز معطيات جديدة خلطت الأوراق و أطاحت بطموحات أشخاص و تيارات صيدلانية حيث ستكون الدورة القادمة استكمالا للدورة السابقة المنحلة وعليه فإن عمر مجلس النقابة المقبل سيكون بحدود 8-9 أشهر فقط.
و يتوقع أن تكون انتخابات الدورة التكميلية القادمة متميزة من حيث الأسماء المطروحة وذلك كون بعض الرموز داخل النقابة لن يحق لهم الترشح أوأنهم فقدوا رصيدهم داخل الوسط الصيدلاني بعد الكولسات و التجاذبات التي حدثت في الشهور الماضية من ترشيحات و ترشيحات مضادة و ائتلافات و انسحابات أو ستحجم عن الترشح طمعا في الظفر بالدورة اللاحقة للدورة التكميلية و التي ستكون مدتها 3 سنوات و لأول مرة في تاريخ النقابة.
وعليه فقد بدأت الكتل و التيارات و التجمعات داخل الجسم الصيدلاني بحراكات و لقاءات و اجتماعات ضيقة و موسعة بعضها يهدف إلى الخروج بمجلس توافقي للدورة التكميلية و يعبر بالنقابة هذه الفترة الانتقالية و القصيرة نسبيا, بحيث يتفرغ كل تيار لحشد طاقاته لانتخابات الدورة التالية و يوفر الجميع على أنفسهم عناء و كلفة الخوض في معمعة الانتخابات مرتين خلال أقل من سنة.
و رغم أن مثل هذا التصور مقدر و ربما يكون به بعض الصوابية إلا أنه يتناقض مع ما طالب به الصيادلة خلال الشهور المنصرمة من أحقيتهم بإجراء انتخابات تكفل لهم الخروج بمجلس منتخب, كما أنه يخالف ما يصبو إليه الصيادلة الشباب و الذين يرنون إلى المشاركة بفاعلية و لعب دور مؤثر داخل نقابتهم بعد كل الاحباطات التي مروا بها على مدار السنوات الفائتة.
حيث أن تسمية مجلس “توافقي” تعزيز للنهج البائد في الترشيح و الانتخاب و الذي طالبنا بنقضه كما أن ما يسمى توافقيا سيكون مدعاة للانقسام أو الإحجام حيث سيكون توافقيا فقط بين التيارات المختلفة التي ستتقاسم المجلس فيما بينها و لن يكون أبدا توافقيا أو ممثلا حقيقيا للصيادلة الذين يشكلون الأغلبية الصامتة داخل المجتمع الصيدلاني و الذين يسوءهم ما يحصل داخل نقابتهم و كفروا بكل التيارات و الائتلافات و التجمعات و الرموز التي أوصلت الصيادلة و نقابتهم إلى هذا الدرك.
و أكاد أجزم أن إجراء انتخابات حقيقية و نزيهة للدورة التكميلية يعد فرصة ذهبية لا يجب إهدارها و لن تتكرر للصيادلة أو حتى أي نقابة مهنية أخرى و ذلك للأسباب التالية:
- إثراء التجربة الديمقراطية و الانتخابية من خلال خوضها مرتين خلال سنة واحدة و مراكمة خبرات قيمة لدى جيل الشباب.
- تشجيع الجميع على ممارسة حقهم في الانتخاب و الترشيح بدون وصاية طرف أو تيار لمرتين متتاليتين و في ذلك تعزيز للنهج الديمقراطي و بخاصة لدى تيار الشباب.
- إذا كانت الدورة التكميلية غير مغرية للتيارات و الشخصيات الموجودة حاليا على الساحة فلربما تكون فرصة لإبراز وجوه شبابية جديدة و جادة تحمل فكر و خطط غير تقليدية و بالتالي خلق توازنات جديدة داخل الجسم الصيدلاني و تحضيرها لتلعب دورا واضحا خلال العقود القادمة.
- اعتبار الدورة التكميلية “تجربة أداء” Role Play بحيث يتم الاستفادة من أي أخطاء أو ممارسات او حتى تحالفات قد تقع خلالها و بالتالي تصحيح المسار و إجراء انتخابات متميزة في الدورة التالية ترشيحا و اقتراعا و أداءأ.
- تزامنها مع إجراء الانتخابات النيابية و الاستفادة من الأجواء المصاحبة و لربما ارتفاع منسوب الحس الديمقراطي و الحماس الانتخابي.
إن التوافق على مجلس نقابة للدورة التكميلية اجتهاد مقدر من البعض لكنه يضرب بعرض الحائط كل الجهود التي بذلت في الشهور الماضية مطالبة بإجراء انتخابات, و ترسيخ لوصاية البعض على الكل و تعزيز لآليات بالية في الترشيح و الانتخاب, و عامل منفر و طارد لقطاع الصيادلة الشباب عن نقابتهم.
إن إجراء انتخابات حقيقية, نزيهة, وشريفة في الفترة القادمة و الدورة التكميلية تحديدا هو أمر مفصلي في تاريخ النقابة و نقطة تحول جوهرية في هيكلة النقابة و خدمة منتسبيها.
و لسان حال الصيادلة اليوم للتيارات المختلفة داخل النقابة هو ما جاء في الأبيات التالية من لامية العجم:
فقلتُ أدعوكَ للجُلَّى لتنصُرَنِي
وأنت تخذِلُني في الحادثِ الجَلَلِ
فسِرْ بنا في ذِمامِ الليلِ مُهتدياً
بنفحةِ الطِيب تَهدِينَا إِلى الحِلَلِ
لو أنَّ في شرفِ المأوى بلوغَ مُنَىً
لم تبرحِ الشمسُ يوماً دارةَ الحَمَلِ
ترجو البَقاءَ بدارِ لا ثَباتَ لها
فهل سَمِعْتَ بظلٍّ غيرِ منتقلِ
ويا خبيراً على الأسرار مُطّلِعاً
اصْمُتْ ففي الصَّمْتِ مَنْجاةٌ من الزَّلَلِ
و دمتم سالمين………..
د.عامر مقابله