الذاكرة المثقوبة

#الذاكرة_المثقوبة
د. #هاشم_غرايبه
مرت قبل يومين ذكرى مرور 75 عاما على اصدار الأمم المتحدة قرارها المشؤوم رقم 181، والمتعلق بتقسيم فلسطين بين اليهود والعرب.
وقد نجح المتضامنون مع القضية الفلسطينية باستصدار قرار من الأمم المتحدة بهذه المناسبة بعقد جلسة رفيعة المستوى لإحياء الذكرى 75 للنكبة في قاعة الجمعية العامة يوم 15 أيار العام المقبل.
وسوف يتم في هذه الجلسة التذكير بجرائم التهجير القسري الجماعي عام 1948 لأكثر من 750 ألف فلسطيني من بيوتهم وأراضيهم، حيث نجحت الحركة الصهيونية بدعم من بريطانيا، في السيطرة بقوة السلاح على القسم الأكبر من فلسطين وإعلان قيام ما سمي إسرائيل.
وتمثلت الجريمة باقتلاع الفلسطينيين من 20 مدينة ونحو 400 قرية غدت أملاكها ومزارعها جزءا من دولة الاحتلال، وتعيد النكبة ذكرى 10 آلاف فلسطيني على الأقل لقوا مصرعهم في سلسلة مجازر وعمليات قتل ما زال معظمها مجهولا، في حين أصيب 3 أضعاف هذا الرقم بجروح.
وعودة الى قرار التقسيم فقد قسم أرض فلسطين، فأعطى اليهود – الذين كانت نسبتهم نحو 33% – المساحة الكبرى بنحو 56%، مقابل 44% للفلسطينيين الذين كانوا يشكلون 67% من السكان.
أما القدس فقد اعتبرها القرار منطقة دولية لا تخضع لسيادة أية دولة.
وحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، يشكّل اليهود اليوم ما نسبته 50.3% من مجموع السكان، ويستغلون أكثر من 85% من المساحة الكلية لفلسطين التاريخية البالغة 27 ألف كيلومتر مربع.
قد تكون القضية الفلسطينية أكبر دليل على نفاق ما يسمى بالمجتمع الدولي، وأبشع وصمة عار تلطخ جبين ما يسمى “العالم الحر”، الذي يتبجح بأنه يحترم مبادئ الحرية والعدالة والمساواة ويسعى لتحقيق السلام والوئام بين الشعوب، كما يدين بعض بني جلدتنا، المنشقين عن عقيدتنا (العلمانيين العرب)، ويدعوننا لتركها وانتهاج عقيدة الغرب باعتبار أنها أكثر عدالة وانسانية.
فقد أصدرت الأمم المتحدة أكثر من 131 قرارا متعلقا بقضية فلسطين، لم يعتمد الغرب منها الا قرار التقسيم، وحتى هذا القرار لم يأخذ الغرب منه إلا جزئية بسيطة، وهي أن لليهود حصة في أرض فلسطين، وبنوا عليها اعترافهم بدولة اليهود، ورغم أنهم اشترطوا لذلك تطبيقه لقرار 181 ، لكنهم تناسوا عدم التزامه به، فتجاوزوا عن احتلاله القدس التي اعتبرها القرار دولية، وتبقى تحت ادارة الأمم المتحدة، وتعاموا عن تعديه واحتلاله لأكثر من نصف الحصة المخصصة للعرب، وهذان الخرقان لقرار التقسيم كافيان، لنقض شرعية قيام ما سمي بإسرائيل، كونها خارجة على الشرعية الدولية.
لذلك فالوصف القانوني بشرعة الأمم المتحدة، هو الكيان اللقيط، لأنه لم يولد ولادة شرعية.
ذلك هو الأصل والمنطقي، وما كان ليصبح هذا الكيان دولة بالمفهوم الدولي مهما ناصره الغرب ودعمه، لولا أن أصحاب الحق تخلوا عن حقهم، وأسبغوا عليه باستكانتهم الشرعية، ثم وصل بهم التخاذل الى التطبيع معه.
قد يكون وصف ذلك بالخيانة فيه قسوة، فلا يمكن تصور أن تختار الزعامات العربية أن تخون قضيتها الأولى عن عمالة لدول الاستكبار، فلا أحد منهم لا يتمنى أن ينال مجد تحرير فلسطين، بل من الذي لا يطمح الى أن يسمى صلاح الدين الثاني؟، غير أنه لا أحد مستعد للتضحية من أجل ذلك.
والتضحية هنا ليست خوف خسارة المال والرجال، فكل ذلك يهون، ولا أحد يلوم من يقاتل دون حقه مهما عظمت خسائره، ولكن الخسارة التي يحذرونها شخصية، أي خسارة المنصب.. فهم لا يستمدون شرعية الحكم من الشعب، بل يعتقدون أنه ما يبقيهم على ذلك الكرسي القميء غير شهادة حسن السلوك من امريكا.
نستنتج مما سبق، أن العرب هم من أضاعوا الحق، فهم الملومون أكثر من الغرب المتغطرس.
فهل الى خروج من هذا الهوان من سبيل؟.
لقد جربت الأمة قرنا كاملا في الرهان على المد القومي بديلا عن المد الإسلامي، فكان هذا منتجه، فهل سنبقى نراهن على تكرار التجارب الفاشلة، أم نعود الى تجارب القرون الناجحة عندما كانت القومية رديفا للمنهج الإسلامي وليست بديلا عنه؟.
لذا ما من سبيل أمام أمتنا إلا باعتماد منهج الله في الحكم، فالحاكم المخلص هو الذي يسعى الى إرضاء الله، وليس أمريكا.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى