.سبع صنايع

[review]أكتب لكم مقال اليوم على أنغام صاروخ البلاط.. علماً بأني أنهيت للتو من نقع السيراميك في البراميل حسب تعليمات أبو بسّام ..وفور اطمئناني على مجريات عمل البليط و قبل أن أجلس إلى الكمبيوتر لأكتب مقالي اليومي ..صاح من النافذة الشرقية أبو محمّد الموسرجي طالباً مني أن أحضر قلوب للمغاسل والخلاطات، فقلت له: فعلاً القلوب عند بعضها ..

يا جماعة منذ أسبوعين وأنا مقطوع عن الدنيا، لا أخبار، لا جرائد، لا تحليلات سياسية، لا برامج حوارية، لا تصفح الكتروني..لا شيء. أنام في تمام التاسعة مساء على أحسن الأحوال ورائحة الأسمنت في أنفي..ثم أصحو باكراً والأسمنت في أنفي أيضاَ.. يومياً هناك نشرة مفصلة يقرأها السيد طارق معلّم الجبصين ويشرح من خلالها كيف تعلّم مهنته في الحسكة من باب الهواية رغم ان معدّله بالبكالوريا 98% علمي، ثم يستعرض لي بطولاته في المهنة التي لا تصدّق حتى في قصص الخيال العلمي، وعن حبه لبنت الجيران التي تزوّجت غيره مما اضطره للهرب.

أنا مقطوع عن الدنيا ..حتى الجرائد لم أعد أستخدمها إلا لتغطية البلاط الجديد من شرشرة الدهان، ولم أسمع منذ أيام تحليلاً سياسياً واحداً لأنني مشغول في حل الأمنشن بالماء وتذويب النيلة الزرقاء، بل ان البرنامج الحواري الأكثر شعبية بالنسبة لي أصبح: الحوار القائم بين الموسرجية أنفسهم والدائر حول كيف نطلع الماسورة من هون ويشيرون إلى جانب المطبخ، ولا أخفيكم بأنني حاولت أن أعقد ورشة عمل بين الموسرجية العاملين بعنوان الكوع والمصفاية واقع وتحدّيات ..

بيتي ورشة مفتوحة، لا شيء في مكانه،أحتاج لساعة كاملة لجمع كاسات الشاي الفارغة من مواقعها.. هناك سبع صنايعيه يقومون بأعمال الصيانة في الوقت ذاته.. وهناك سبعة طباع، وسبعة أوقات مختلفة للإفطار والغداء، وهناك سبع طرائق لشرب الشاي ورمي الأكواب في دهاليز البيت..بصراحة آخر مشروع كنت أنوي القيام به هو الصيانة، كنت أعطي لأحلامي فرصة أن تتحقق.. يقولون أن الإنسان يكبر وتكبر أحلامه..هذا غير صحيح في الواقع الإنسان يكبر وتصغر أحلامه..قبل عشر سنوات كان طموحي أن أبني بيتاً صغيراً ؛ ثلاث غرف وحمامين ومطبخ بتشطيب أقل من عادي..لكن مع غلاء الأسعار وارتفاع تكاليف البناء،وجدت أن هذا الحلم مستحيل .. فأقنعت نفسي أن أضيف لبيتي الحالي غرفة واحدة وحماماً..ومع غلاء الأسعار وارتفاع تكاليف البناء اكتشفت أن هذا الحلم أيضا مستحيل..لذا رضيت بالصيانة وذلك أضعف الأعمال ..قبل ان تتحول الصيانة الى حلم مستحيل هي الأخرى..

مقالات ذات صلة

(بالإذن)..أنا مضطر لإنهاء المقال فجأة، فقد نادى عليّ ابو محمّد يريد قطعة بربيش هالقد..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى