استحوا

(استحوا)
مصطفى وهبي التل

بعد أن (طلعت ريحة) المليارات المنهوبة من مساعدات البنك الدولي، وبعد أن زال حاجز الخوف لدى البعض في الأردن وتحدثوا ونشروا حول هذا الموضوع بحيث أصبح على كل لسان، كيف كان رد الحكومة الأردنية؟
هل أعلنت الحكومة عن تشكيل لجنة مستقلة بالتعاون مع المنظمات العالمية لتضمن حيادها وعدم التأثير عليها وبالتنسيق مع الشرفاء في البنك الدولي لمعرفة مصير ومصدر هذه المليارات؟
لا!!
هل طالبت الحكومة القائمين على الدراسة، وهم من جهابذة الاقتصاديين في العالم، دراسة مشابهة للنظر او لتدقيق التحويلات المالية من الأردن إلى الملاذات الآمنة خلال فترة التخاصية وخلال فترات المساعدات والقروض المالية من جهات غير البنك الدولي؟ هل طالبت أيضا بدراسة مشابهة لتحويلات من جهات أردنية خارج الأردن لحسابات الملاذات الآمنة؟
لا!!
المنطق يقول أن دولة فقيرة ومديونة، وتعاني اقتصاديا حتى من قبل وباء كرونا، ستغرف من هذه الدراسة وستحاول الاستفادة منها لدعم الخزينة والاقتصاد الوطني بأسرع وقت حال نشرها.
لكن متى كان للمنطق مكاناً في الأردن؟
ظهرت الدراسة في شهر شباط وبالرغم من إنتشار هذه الدراسة في أهم الصحف والمجلات العالمية حال صدورها، محلياً تم التعميم عليها بشكل واضح. أما الحكومة الأردنية وبدل أن تنقض على هذه الفرصة فقد تجاهلت الدراسة وكأنها تتحدث عن دولة في كوكب المريخ.
كل هذا تغير خلال الاسبوعين الماضيين.
البداية كانت من خلال احدى الصحف العربية والتي وحسب علمي كانت اول من تطرق لموضوع دارسة البنك الدولي والمليارات الأردنية المنهوبة عربياً.
محلياً وجهت النائب ديمة طهبوب اسئلة للحكومة الأردنية حول هذه الدراسة في العاشر من الشهر الحالي. شجاعة النائب فتحت الباب على مصراعيه حول هذه الفضيحة الاقتصادية والسياسية.
لكن هل ردت الحكومة؟
أول رد، وكان رداً غير مباشراُ، جاء من خلال لقاءٍ حواري لمنتدى الاستراتيجيات الأردني بعنوان (الأردن والبنك الدولي: فرص الشراكة والتعاون للتعافي ما بعد كورونا). خلال هذه الندوة والتي عقدت في السابع عشر من الشهر الحالي تم طرح موضوع مليارات الأردن. إجابة مسؤول عربي في البنك الدولي كانت غريبة وبصراحة غير صحيحة في بعض الحالات. صحيفة الدولة، الرأي، تجاهلت حتى ذكر هذا الجانب من الندوة في تغطيتها لها حتى لا تذكر شيئا عن المليارات الأردنية. أما صحيفة القصر، الغد، فقد دفنت الرد داخل التغطية دون ذكره في العنواين. فقط صحيفة الدستور ركزت في عنواينها على موضوع المليارات في تغطيتها للندوة. للأسف لم تبذل الصحف، أو المواقع، التي نشرت تغطية اللقاء أي جهد للتأكد من إجابات مسؤول البنك الدولي.
لأنه تقريبا،ً وفي خاصية النفي شبه الحصرية للمسؤول العربي اينما كان، ألتزم هذا المسؤول بنفي معظم ما ورد في الدراسة حول الأردن بل وشكك في الدراسة وعلاقتها بالبنك!!
انتشر رد هذا المسؤول في كل مكان وكأنه صك الغفران الذي سيمحي نهب المليارات الأردنية لكن عدم واقعية بعض الاجابات وابتعادها عن الحقيقة طرحا اسئلة اضافية بل عززا نظرية نهب مليارات مفروض ان تكون لصالح الشعب الأردني.
مسرحية صك الغفران لم تنتهي بعد الرد المبهم من مسؤول محسوب على البنك الدولي إذ نشرت الصحف والمواقع الأردنية يوم الاربعاء بياناً مزعوماً من البنك الدولي ينكر ما ورد في دراسته!! الطريف أن هذا النفي يفند بعض ما جاء في اجابات المسؤول العربي في البنك! الأطرف أنه وحتى كتابة هذه المقال، لم أجد أي نسخة اجنبية لهذا البيان المزعوم. حتى في موقع البنك الدولي وعند البحث عن الأردن لم اجد شيئاً. من الجدير بالذكر انه حتى لو كان هذا النفي صحيحا فإنه من الضروري معرفة أن البنك الدولي نفسه حاول دفن هذه الدراسة بالرغم من أنها صادرة عنه. لماذا؟ لأن نتائج الدراسة تضع البنك شريكاً في الفساد. بالتالي لم يتم نشر الدراسة في موقع البنك الدولي الرسمي وباسم البنك الدولي إلا بعد أن تم تسريبها للصحافة وتسريب أخبار الصراع داخل البنك لطمس هذه الدراسة. بالتالي نفي البنك الذي هو نفسه حاول طمس حقائق تورطه في المساهمة في الفساد لا يعني شيئا. هذا إن كان هذا النفي حقيقاً في الدرجة الاولى.
دولة الرزاز، أدرك أن هناك خطوط حمراء وصفراء وبرتقالية يمنع الاقتراب منها. لكن دعنا نحتسب حسن النية ونبتعد عن كل الخطوط وندعي أن هذه المليارات المحولة هي من عرق جبين من ارسلها ولا توجد اي شبهات فساد عليها. أين بيانات الضرائب لهذه المبالغ؟
بصراحة … كما يقول المثل: (إلى استحوا ماتوا)!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى