مجلس النواب بين السلفي والتطبيل / زكريا النوايسة

مجلس النواب بين السلفي والتطبيل

مرة واحدة أحببتُ أن أكون كائنا ( سِلفيّا ) ، فوجهت كمرتي بعد أن اصطنعت ابتسامة مقصودة ،وهيئة توحي بالهيبة وضغطت زر الكاميرا ، وبعد المعاينة والفحص وجبر الخاطر من بعض الأصدقاء ( الفيسبوكيين ) وصلت إلى قناعة أنني كنتُ أغرر بنفسي وأضحك عليها حين جعلتها دمية رخيصة لرغبة بائسة.
ويحصل أحيانا أن تسمع لحنا جميلا ، فتنسجم معه ، وتتفاعل طربا بالربتِ على ركبتك ، أو التطبيل على كتاب كنتُ أغلقته للتو ، وفي التفاعل هذا يستدعي الانسان الآخرَ فيه ليخرج من حالة إلى حالة ، وهو فعل لازم لا ينفصل عن كينونة الانسان وحضوره الوجودي.
وفي مجلسنا ( مجلس النواب الأردني ) يكون لهذه الأقعال دلالات أخرى ، فالسِلفِي أصبح منصة لتمييع اللحظة النيابية التي الأصل فيه الرزانة في الحضور لتكون منسجمة مع الآمال الشعبية والهموم الوطنية والملفات التي تستوجب الهيبة أو التزيّ بها .
وقد أصبح من الشائع أن ترى نائبا أو أكثر أداروا ظهرهم للمجلس ويمموا وجوههم نحو كمراتهم ليعيشوا هذه اللحظة ( السِلفِيّة ) ، وتصديرها بعد ذلك إلى صفحاتهم ( الفيسبوكية ) لنبدأ بعد ذلك مشوار ( منور يا كبير ، أنت وبس نائبنا ، منوووووور …. ) ولم يدرِ هؤلاء المجاملين أن ثمة ملفات كبيرة وحساسة ومفصلية أدار لها نائبهم ( الحلو ) ظهره ، غير آبهٍ بنتائجها الكارثية.
وفي فلسفة التطبيل يطول الشرح ، فحين يغيب العقل الراشد ، تتقدم الأطراف وتستلم قيادة الجسم ، والتطبيل قي مجلسنا خرج من كونه استثناء ، ودخل قي ترتيب جديد كسلوك نيابي أصيل طرف خيطه بيد الحكومة ، ولا أستغرب حقيقة أن تقوم جوقة المطبلين بعزق لحنها الممجوج حين يخرج نائبٌ عن المسار المرسوم ، ويعلن انحيازه لهموم أهله ، وكأني بهذه الجوقة أتتْ لتقتص من الشعب وتجعله الأرخص في سلّم أولويات الحكومة .
وللتطبيل النيابي فائدة أخرى ، فثمة جائزة للمطبل من فرص أو تنفيعات ، ويقاس حجم وأهمية هذه الجائزة بحماس المطبل وتناوب يديه للطرق على الطاولة وتحفيز الأخرين ليزداد العزف تناميا ، ومن هنا نقف على الشغف الحكومي بطقس التطبيل هذا وأبطاله المطبلين ، فهم يقدمون خدمة لا يستطيعها منظروها ، فأيدي المطبلين تتزاحم بشراسة لإغلاق الملفات التي تصبح مطلبا شعبيا ، وأي خدمة أكبر من هذا تبتغيها الحكومة ؟!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى