تحديات تنموية كبرى / سلامة الدرعاوي

تحديات تنموية كبرى
إذا صحت المعلومات الرسمية بأن الحكومة أنجزت 95 بالمائة من نفقات المنحة الخليجية في سنة 2015، فإن هناك مشكلة حقيقية في تلك المشاريع الرأسمالية “المفترضة”، لأن النمو الاقتصادي جاء متواضعا للغاية وأقل من المتوقع، حيث بلغ للأرباع الثلاثة من العام الماضي ما نسبته 2.6 بالمائة، وهي لا تلبي الحد التنموي الأدنى المطلوب.

إذن؛ لو لم يكن هناك مخصصات خليجية في السنوات الأربع الماضية لكان النمو المتحقق أقل بكثير مما أعلن عنه، ولو لم يكن هناك إنفاق خارجي مباشر على اللاجئين السوريين لكان النمو بالسالب على أقل تقدير.

على أي حال، المنحة الخليجية الآن في عامها الخامس والأخير، ولا يوجد في الأفق ما يوحي بأن هناك تجديد لها، لكن الكل يتأمل من الدول الشقيقة أن تواصل دعمها للاقتصاد الاردني الذي تحيط به التحديات من كل جانب.

لكن يبقى السؤال: هل كانت مشاريع المنحة استراتيجية ذات قيمة مضافة على الاقتصاد الوطني؟، قد يكون الجواب بحاجة الى تمحيص لبنود المشاريع في السنوات الخمس من عمر المنحة، لكن المؤشرات الاولية تشير الى وجود مشاريع استراتيجية كبرى نفذت مثل ميناء الغاز المسال وبعض الطرق الحيوية التي سيكون له مردود تنموي في السنوات المقبلة، لكن بعض المشاريع الأخرى في الحقيقة لا تعدو كونها مشاريع لا تصلح لأن تضاف الى بند النفقات الرأسمالية بقدر ما هي نفقات تشغيلية بحتة.

الخطورة في الأمر أن الفترة المقبلة ستكون الموازنة ملتزمة فيها بتمويل النفقات التشغيلية لتلك المشاريع التي تم تمويلها في الفترة الماضية من مخصصات المنحة، والتحدي يكمن بالتحديد أنه في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي الذي لم يتجاوز الـ2.5 بالمائة في السنوات الأربع الأخيرة، يجعل تمويل تلك المشاريع أمرا صعبا للغاية من عدة جوانب أولها إذا ما لم يتم تجديد المنحة الخليجية فمن أين ستكون المخصصات البديلة للنفقات في الموازنة التي تعاني أصلا من عجز مزمن يقترب من الملياري دولار سنويا قبل المساعدات.

قد تلجأ الحكومة إلى الاقتراض، وهذا هو الخيار الأسرع والاسهل بالنسبة لها، لكن الخطورة في الامر أنه ومع اقتراب نسبة الدين الى 90 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي ستواجه المملكة تحديات جديدة في الاقتراض، وقد يترجم هذا الامر بأسعار فائدة عالية لاقراض الاردن.

الحل الوحيد الذي يلوح بالافق هو ان تتوفر اموال جديدة من منح الاصدقاء، وخصوصا الخليجيين، للمحافظة على التمويل التشغيلي لتلك المشاريع في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي، والا فإننا سنكون امام حزمة مشاريع مثل تلك التي ادخلت الى الموازنة من برنامج التحول الاجتماعي الذي انفق 356 مليون دينار على مشاريع ممولة من المنح وعوائد التخاصية لنجد أن الموازنة ملزمة بتمويلها بعد ثلاث سنوات، وهنا كانت المفاجأة، تمويل تشغيلي جديد بأضعاف كلف تلك المشاريع، ما جعل الحكومة تقترض لتمويلها في ظل تباطؤ اقتصادها.

salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى