ضمادات الحكومة / د . ديمة طهبوب

ضمادات الحكومة

المعالجة الآنية و سياسة الحقنة في الوريد هي الديدن الغالب على معالجات الحكومة للملفات الشائكة حيث تتكاثر المجالس والخطط الاستراتيجية لتقعد آمنة مطمئنة في الأدراج و لا ينجز منها الا القليل، والا لكنا خرجنا من درب التنمية الى درب التطور و المجتمعات المتقدمة!

برغم من تقدم المجتمع الأردني و تحضره الا أنه ما زال يتعامل بعقلية الفزعة و هي من أساليب النجدة البدائية التي لا تلبي التحديات الكبيرة التي يتعرض لها بلدنا في ظل اقليم ما عاد محكوما بحدود جغرافية و انما بخرائط يتم رسم حدودها بالدم!

إن التغني بالأمن و الأمان ليس دعاية سياحية و لا عبارة ممجوجة نلوكوها كالديباجات! إن الأمن و الأمان حالة معيشية يذوق الشعب ثمارها في كل الميادين ففي السياسة تعني الديمقراطية و تمكين الشعب و تداول السلطة أما في الاقتصاد فتعني الكفاية و العيش المحترم لكل فئات الشعب و توفير فرص العمل و توفير التأمينات و الضمان و هذا ما اعتبره آدم سميث من أعمدة الدولة “القوت لكل فم و العمل لكل ساعد” أما في الاجتماع فتعني وجود عقد اجتماعي بين الناس يقنن تعاملهم و يحفظ حقوقهم و يحدد واجباتهم و المجتمع الذي تتوفر فيه الكفايات و الاساسيات لجميع الناس يتقدم لتحقيق و اكتساب الحاجات التحسينية و الكماليات.

مقالات ذات صلة

إن الأحداث المؤسفة التي تعرض لها الوطن ليست عفو الخاطر و لا بنت لحظتها و لا سابقة في تاريخ الوطن إنها أحداث منظمة و مدروسة بدقة و عناية بينما الرد عليها لا يرقى الى حجم التحدي.

إننا نتحمل جزءا من التقصير عندما فتحنا المجال لاستهداف شبابنا فمناهجنا جردت من مضمونها الديني و الوطني و التاريخي حتى أصبحت لقما لا تسمن و لا تغني جوعة الشباب الى الفهم الصحيح.

و مساجدنا ضيق عليها و أفرغت خطبها من مضمون التعاطي مع الحياة و تقديم الرؤية الرشيدة للمسلم في حياته.

و معاهدنا التعليمية انخفض مستواها الأكاديمي و مخرجاتها و اصبحت مسرحا مفتوحا للعنف.

و البطالة و الفقر المدقع الذي يحصر الشعب بين فكي الكماشة كل هذه عوامل داخلية ساهمت في تفاقم المشاكل و سببت هذه المصائب التي ذهب ضحيتها خيرة من شباب الوطن.

شباب الأمس كان كلهم يتجندون لخدمة الوطن فتتعفر جباههم بترابه و يشتد عودهم في التدرب على حمايته هؤلاء تعلموا معنى الانتماء و مارسوه عمليا و من حمل السلاح يوما لأجل وطنه يأبى عليه شرفه و فطرته السوية ان يحمله ضده أما بعض شباب اليوم فتنتفي عندهم الروابط كلها فيسهل التغرير بهم!
ان المطلع على تطورات الاوضاع يعرف ان المستقبل يحتاج الى اجراءات علاجية سريعة و اجراءات بعيدة المدى للتغيير الاستراتيجي و اجراءات طوارىء بجاهزية عالية.

و بغير ذلك سنبقى نرقع الفتق بضمادات حكومية على جروح لن ترتق فدمها سال شهادة فخر و فقد لا يعوض؟!؟!

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى