تيتو / سهير جرادات

تيتو
ملاحظة من المحرر: شخصية تيتو التي تتحدث عنها الزميلة سهير جرادات في مقالها، لا تعني شخصا بعينه، وإنما تؤشر لسلوك قد يتوفر في أكثر من شخص. وتمت إجازة المقال للتنبيه ولزيادة الحرص عند التعامل مع شخصيات ينطبق عليها وصف السلوك أدناه. وفي حال تطابق لقب أي شخص مع الاسم الوهمي في المقال، فهو محض صدفة.

( تيتو )، هذا ليس اسما للعبة ، ولا لفيلم.. ولا لماركة عصير أو حلوى ، انه اسم شخص يستغل عمله ضمن طاقم شركة لخدمة التوصيل تروج لنفسها باسم له علاقة بالمعاملات المالية.
( تيتو ) شخص يتعاقد مع الاهالي بعد أن يحصل على ثقتهم لتوصيل أبنائهم من وإلى المدارس ، وجراء ذلك يبني علاقات صداقة مع الطلبة الذين يستعينون به من خلال استخدامهم التطبيق عبر هواتفهم الخلوية؛ لايصالهم بموافقة ومعرفة ذويهم إلى المنزل أو المدرسة أو منازل الأصدقاء وأماكن الترفيه وغيرها؛ لانشغال الأهل، او كسلهم.
( تيتو ) يستغل هذه الثقة فيبدأ بعرض خدماته على الطلبة بتزويدهم بالسجائر والمشروبات الكحولية، كونهم أقل من سن الثامنة عشرة، وغير مسموح لهم شراء هذه المواد .
ولا يتوقف الأمر عند الدخان والمشروبات الكحولية، لأن (تيتو) وأمثاله ، يريدون المزيد من الارباح والضرر بغيرهم، فيتعدى الأمر إلى المخدرات وغيرها من الأشياء التي تفتك بفئة الشباب، وتضر بصحتهم ومستقبلهم ، وتسيء للمجتمع، و”بفضل هؤلاء” يعم الفساد ويتضرر الوطن بسببهم.
(تيتو) ، شاب عديم المسؤولية ، يبحث عن أسهل الطرائق لجمع الأموال بغير وجه حق ، ويلجأ إلى الطرائق الوضيعة لتحقيق مآربه ، وأيسرها السعي إلى انحراف المراهقين ، واستغلال عدم اكتمال نضجهم ، ورغبتهم العالية في التجربة وتقليد الآخرين .. ولا يكترث (تيتو) بأن الفئة التي يقوم بتضليلها عن الطريق القويم هي فئة شباب سمتهم الطيش وحب التجربة والفضول الزائد.
(تيتو) لا يفكر بأن ما يقدمه لهذه الفئة من الشباب والشابات قد يتعرض له أبناؤه ، ولو فكر للحظة مع نفسه بأن ما يفعله بأبناء جلدته قد يصل إلى نسله يوما ما، لما اقدم على مثل هذا الأمر.
(تيتو)…قصة واقعية حدثتني بها أمهات ومعلمات أجيال، لغيرتهن على أبنائنا الطلبة ، وحرصهن على حماية هؤلاء الشباب والشابات من استغلال عديمي الضمير ، وبالتأكيد فإن (تيتو) ليس هو الوحيد ، وهولا يعمل بمفرده؛ فهناك أكثر من (تيتو) بيننا ، ممن خَدروا ضمائرهم وانعدمت اخلاقهم.
هؤلاء الامهات ، قررن رفع صوتهن ودق ناقوس الخطر للتحذير من أفعال (تيتو) وامثاله، بعد أن ذاع صيته بين طلبة المدارس، الذين استسروا لبعضهم بعضا عن” الخدمات اللاأخلاقية” التي يمارسها ، بتسهيله توافر الممنوعات للطلبة والشباب ممن هم تحت سن الثامنة عشرة.هذه التصرفات التي يمارسها (تيتو) وأمثاله ، تحدث خارج أسوار المدارس ، حيث تنتهي سلطة المدرسة ، وتحديدا في المنطقة التي تفصل بين سلطة المدرسة ومسؤوليتها ، وبداية سلطة الأهل ومسؤوليتهم ، أي على الطريق المؤدي بين السلطتين.
وحتى نكون منصفين ، دعونا ننظر إلى الأمر من زاوية، من المسؤول؟ومن يتحمل الخطأ؟هل يتحمل المسؤولية الأهل، الذين تتعارض أوقات دوام عملهم مع أوقات انصراف أبنائهم من المدارس، أم أن المسؤولية مشتركة بين الثالوث: المدرسة والأهل والجهات الأمنية، وخاصة أن الجهات الأمنية عليها مسؤولية مراقبة هذه الخدمات التي تؤديها بعض الشركات بعيدا عن الترخيص ، وتوثيق سجلات العاملين لديها.
ما دفع هؤلاء الأمهات لينبهن عن هذه التجاوزات ، وما يفعله أمثال (تيتو)، هو مسؤوليتهن تجاه مجتمعهن ،بحيث يكون لزاما على الجميع نشر الوعي بين الأهل والمدارس وأفراد المجتمع والأجهزة الأمنية ، لتشكيل عمل مشترك لحماية أبنائنا المراهقين من مختلف الآفات، والمروجين والمفسدين.
نتفق معا ، بأن هؤلاء الأمهات كان عليهن أن يتصلن بالجهات الأمنية ، لابلاغها عن ( تيتو) ومفاسده، ليتم ضبطه وأمثاله وايقافهم عن هذه الأعمال ، إلا أن جوابهن كان مؤلما ، اذ ترعبهن المساءلة والمراجعات الأمنية ، وتبعيات الأمر من الملاحقات القضائية ، والأمر الأهم ، إذا عُرف اسم المبلغ من قبل (تيتو) وأمثاله ، سيقلب حياتهن رأسا على عقب ، وسيعرضهن للمضايقات والابتزاز.

على الرغم من أهمية قصة (تيتو) وأمثاله وخطورتهم ، إلا أن هناك أمرا في غاية الأهمية كشفته هذه القصة ، ألا وهو أزمة الثقة المفقودة بين المواطن من جهة والجهات الأمنية من جهة أخرى ، والتي قد نصفها بالخوف والرعب اللذين يفوقان ما قد يحدثه ( تيتو) من ضرر لأبنائنا ، مما يتوجب على جميع الجهات التحالف وإزالة معيقات الثقة بين المواطن ورجل الأمن ؛ حتى نتمكن من القضاء (تيتو) وأعوانه ، ونحول دون بث سموم أمثالهم في المجتمع ،ليكون أبناؤنا بمنأى عن المخاطر.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى