#وقودٌ_في _زمن_الركود / نسرين طه الفقيه

#وقودٌ_في _زمن_الركود

لكلِّ بدايةٍ جمالٌ يُلامس أرواحَنا، كعروسٍ تزينتْ ليلةَ زِفافها، فأبهرتْ النّاظرين وأسرَتْ عقولَهم لحُسنها وبهائها، وبخطىً متناسقة أخذت تتراقصُ وتُراقصهم على أنغامٍ راقتْ ذوقَ الحواس، يزدادُ شغفُهم وتزدادُ تألقًا، فإذا ما بدأتْ الألحانُ بالهدوء تباطأتْ حركاتها؛ لتتسلل إليها النمطيّة المملة، وتذبلُ شيئًا فشيئا، فيُسيطرُ عليها السكون القاتل.

هذا ما يَنطبق على حياتنا، تبدأ بفضولٍ مهمته اكتشاف كل جديد، وبشعورٍ يجعلُ لحياةِ الانسانِ معنى، وأداء الكثيرِ من المهام دونَ الاحساسِ بالملل، لكنّ متطلبات الحياةِ والمجتمعِ وصعوبةِ الظروف هي قيودٌ وأغلالٌ تُعيقُ حركاتِنا، تُدخلنا في شيخوخةٍ مُبكرة، فنصنعُ قوقعةَ الراحةِ لنحمي أنفسنا من شقاءٍ قد يُصيبنا، لكنّنا نتفاجئُ بثقوبٍ سوداء تبتلعنا بشراهةٍ بالغة نتيجةَ الاستسلام والخوفِ من المواجهة، فنتحول لآلاتٍ تعملُ بلا توقفٍ مُجردةً من الشعورِ واللذة.

من وجهة نظري كَـ كاتبة مُراقبة أرى أنّ الشغف هو السبب في جمالِ البدايات وبقائها حيّةً تتنفس، نحتاج ذاكَ الرحيق في الحياةِ والعمل والحب؛ للتخلصِ من الفتورِ القاتلِ والروتينِ المميت عن طريق احياء جذور الحب من جديد، وأخصُ بذلك شغف الحب الذي يُبقي نارَ شوقه متوهجة، لمن جُنَّ في حبه، ومن اتخذَ من زوجته رفيقة، لمن جعلها تخافُ من نومٍ قد يسرقها منه. اتحدث عمّن باتَ آلةٌ متحركة روّح عن نفسك فلا أحدٌ منا يسيطرُ على حياته ولو بنصفِ ما يظنُ أنّه يفعل، وبدلًا من حركةِ الدورانِ تحركْ للأمامِ ربما استطعتَ الخروج من ذاك السواد الحالك.

فالشغفُ هو الوقودُ الذي يحركُ بداخلنا الرغبةَ رغمَ كلّ ما تحملُ هذهِ الحياةُ من ضغوطاتٍ وأعباء.
nesreenalfqeeh@gmail.com

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى