وطنية الدماء و دماء الوطنية!!! / د . ناصر نايف البزور

وطنية الدماء و دماء الوطنية!!!

لا يختلف إثنان عاقلان على مدى تغللغل حبِّ الأوطان في النفس البشرية؛ فالوطن يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق؛ و هو النبض الذي يخفق به الفؤاد ؛ و هو الهواء الذي يُخالج كلّ شهيق و زفير بين جنباتنا…. الوطن تاريخ، و لغة، و معرفة، و دين، و تضاريس، و تراب، و هواء… باختصارٍ شديد، الوطن هو نحن… و نحن هو الوطن…
و من هذا المنطلق الواضح و البسيط، فنحن بحاجة إلى أن تبقى دماء الوطنية تتدفق في شراييننا ما حيينا…و دماء الوطنية هذه كسائر الدماء في الكائنات الحيّة؛ فهي بحاجة للغذاء السليم ليبقى الدم متدفّقاً متجدداً قوياً…. فإن كان الغذاء ناقصاً أصابتنا “أنيميا” الوطنية و ضعف صوت الوطن فينا! و إن كان اطعام فاسداً، فسد الدم و مات الجسم و العقل… 🙁
ما نشهده في وطننا الغالي في بعض المناسبات أحياناً هو مظهر من مظاهر سوء التغذية و تسمّم وجبات الغذاء الذي نقدّمه للأجيال بدعوى الوطنية… 🙁
فقد حضرت لقاءً ثقافياً قبل أيّام كانت جميع الأغاني “الوطنية” التي سمعتها فيه تحتوي على جرعات كبيرة من السموم التي تُضخ في العروق و العقول تحت مسمّى الوطنية… والله لقد شعرت أنّني في ساحة حرب تصهل فيها الخيول و تقدح فيها السنابك… و تقصف فيها المدافع…فمعظم الكلمات تنطوي على القتل و سفك الدم و التحطيم و التدمير… مع أقسى درجات التوتّر و اللاتسامح حتّى بلغ الحُمق أن نتغنّى و نردّد “العين بنقلعها إن لدّت تَلانا” و أشباهها من الدم الأحمر… 🙁
ما هكذا تكون الوطنية يا أبناء الوطن… ليست هذه دماء الوطنية و لكنّها “وطنية الدماء”… مشاهد الدم لا تأتي إلاّ بالهم و الغم و السقم … 🙁 و الله أعلم و أحكم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى