“وائل غنيم” الجديد .. هل كفر بالثورة ..!!!

سواليف _ هافينغتون بوست عربي

لماذا عاد وائل غنيم مرة أخرى للتدوين، وما الجديد في جعبته؟ سؤال يطرحه متابعو الناشط المصري عبر الشبكات الاجتماعية، بعد ظهور متكرر في الأسابيع الأخيرة أعقب عامين من الصمت.

في تدويناته الأخيرة يبدو وائل كما لو كان يعيش حالة من “النوستالجيا” حيث يستعيد ذكرياته ويعيد تقييم التاريخ وما عاصره منذ ثورة يناير 2011 دون أن تكون له رؤية ما أو مطالبة ما، فهل كفر بالثورة؟!.

في السطور التالية محاولة تحليل لمضمون ما عاد به وائل تستعرض ما قاله وما قرر السكوت عنه.

1- الثورة “حلم” والواقع شيء آخر

وائل غنيم

في آخر تدويناته اليوم الأربعاء 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 استدعى غنيم ذكريات الماضي معتبراً ثورة يناير حلما طوباويا -حلما بالمدينة الفاضلة- لكنه شخصيا اصطدم بصورة واقعية أكثر قتامة بعد لقائه بعدد من الشخصيات السياسية من مختلف التيارات بعيدا عن صخب الإعلام، حسب وصفه.

يقول: “لو عايزين نقيم دولة العدل، لازم نبقى صريحين مع نفسنا، الأفكار والأيدولوجيات اللي متبنيها الكتلة الحرجة من الفاعلين سياسيا في مصر بعضها تتعارض مع المفاهيم الأساسية للحرية والديمقراطية. بدون الاتفاق على مراجعات حقيقية هيستمر الوضع المؤسف اللي احنا بنعيشه حاليا”.

ثم يبدأ في طرح مجموعة من التساؤلات التي تبدأ بهل:

“- هل ممكن نعيش في مجتمع قائم على التعددية يستوعب الناس على اختلافهم، مجتمع فيه ديمقراطية حقيقية (مش إجرائية) قائمة على تداول السلطة وحماية حقوق الجميع وخاصة الأقلية؟.

– هل ممكن نعيش في دولة دور جيشها هو حماية الحدود والعمل تحت مظلة السلطة المنتخبة من الشعب ومش بيتدخل في السياسة ولا يدير منظومة البلد الاقتصادية؟.

– هل ممكن نعيش في دولة لا يحاول سياسيوها فرض نسق أخلاقية وقيمية على الأفراد تحت شعارات الدين والوطنية؟ هل ممكن نقبل بفكرة إن معتقدات الإنسان وأفكاره هي حق أصيل يخصه وحده؟ هل ممكن نعيش في دولة فيها احترام حقيقي لحق الإنسان في الاعتقاد والتعبير والتفكير؟.

– هل ممكن نعيش في دولة “عدل” و”قانون” و”حرية”؟”.

الأسئلة السابقة جزء من هاشتاج يكتب تحته عددا من التدوينات هو #حوار_المستقبل والذي يبدو هو مشروعه الذي يعود به لكن دون تفاصيل واضحة.

2- لا رجوع للميدان

وائل غنيم
كان غنيم واحدا ممن دعوا للنزول إلى الميادين قبل نحو 5 أعوام للثورة ضد نظام الرئيس حسني مبارك، لكن تدويناته الجديدة لا تطرح فكرة الرجوع للميدان كحل لأي مشكلات تمر بها مصر، هو أيضا لم يتفاعل مع الدعوات الحالية المنادية بالعودة إلى ميدان التحرير لاستئناف الثورة، بالتزامن مع موجة من الإحباط يعانيها قطاع من الشباب المصري من جراء المشكلات المتفاقمة مجتمعياً والمتكررة حقوقياً.

3- حديث الذكريات

قلنا إن وائل يبدو كما لو كان يعيش حالة من “النوستالجيا” لا يتوقف فيها عن استدعاء الماضي، في تدوينته “المعتقل رقم 41” يحكي لنا مطولا عن قصة اعتقاله أول أيام الثورة لينهيها وهو يشير عابرا إلى آلاف المعتقلين في السجون حاليا، فتستفز تدوينته من أراد أن يتعاطف معهم: أين كنت إذن طوال العامين الماضيين؟! ولماذا عدت الآن؟!!

تدوينة أخرى عنوانها “عن ناشط السبوبة أحمد ماهر” يحكي فيها قصته مع مؤسس حركة 6 إبريل ينهيها بقوله:

“لما هاحكي لأولادي عن مصر 2011، مش هانسى أحكيلهم عن الشاب المصري السكندري اللي وهو عنده 30 سنة انتفضت جهات سيادية ووسائل إعلامية وشخصيات سياسية عشان يحاربوه ويشوهوا سمعته. بالضبط كده، منظومة فاشلة بتحارب شبابها على إنهم هما الخطر اللي بيواجه البلد، مش الجهل والتخلف والفساد والظلم. والمهم إنهم لما لقوه مكمل في طريقه رغم كل اللي بيعملوه فيه، حبسوه.

أحمد وآلاف الشباب زيه هما الأمل ..

والأمل في مصر محبوس ..

الحرية لأحمد

الحرية لكل مظلوم

#FreeAlaa”.
والهاشتاج المذكور في آخر التدوينة هو للتضامن مع ناشط آخر لم يرد ذكره فيها هو علاء عبد الفتاح ربما يكون محل حكاية تالية لوائل.

4- التبرير والاعتذار

Egyptian cyberactivist Wael Ghonim speak

يدرك وائل أن عودته للساحة قد لا تكون أمرا سهلا، هناك الكثير الذي يطالبه جمهوره ومتابعو صفحته بالاعتذار عنه.. في واحدة من أوائل تدوينته يقرر أن يجمع اعتذارات وإقرارات عديدة ربما تيسر له الحديث في التدوينات التالية.

عنوان التدوينة: “اعتذار وحديث عن سبب الصمت ..”، يبدأها بأسئلة توجه له من نوعية: “إنت سكت ليه؟ ليه أيدت الانقلاب العسكري؟ وليه وقفت ضد الديمقراطية والحرية بعد ما نزلت مع الملايين تطالب بيها في يناير 2011؟”.

في الإجابة يقول: “كنت غلطان في قراءة كتير من الأحدث من فبراير 2011 لحد 3 يوليو. وده كان واحد من أسباب اتخاذي لقرار الصمت”. بعد ذلك يبدأ في سرد عدد من المواقف التي تبدو تبريرية أكثر منها اعتذارية، فلو كان الرئيس في ذلك الوقت الدكتور محمد مرسي قد استجاب لمطالب عمل استفتاء شعبي أو انتخابات رئاسية مبكرة لما وصلت البلاد لمعادلة صفرية ولما وقع انقلاب، وأما قوله في تلك الأيام أن “اللي يعتقد بعودة النظام السابق واهم” فربما لن يكون خطأً على المدى الطويل ولكنه آسف عنه في كل حال لأن الزمان عاد بمصر إلى العام 1984.

وائل نفى في اعتذارياته أن يكون وقع استمارة تمرد أو نزل مظاهرات 30 يونيو، أو أيد الانقلاب العسكري، أو فرح ببيان الجيش.

5- خارج المعركة

في إطلالته الجديدة، يكرر وائل أن الوضع الحالي ليس إلا معركة صفرية بين طرفين، الجيش طرف، والإخوان طرف ثان. هذا هو خلاصة ما يحدث في مصر، أما هو فيبدو أنه يحلم بما بعد المعركة التي لا يعتبر نفسه طرفا فيها.. هو يتبنى “حوار المستقبل” الذي أشرنا إليه، وهو حوار لا يبدو أنه يمثل مشروعا متبلورا بعد، وإن كان وائل يقول في إحدى تدويناته أنه سيكون مستعدا لرعايته.

يقول عن الحوار: “مجموعة من المعارف المختلفين فكريا (ليبرالي – يساري – إسلامي …) ومختلفين في موقفهم من يناير (ثورة أو مؤامرة) ويونيو (ثورة أو انقلاب عسكري)، يعملوا جلسات هدفها هو الإجابة عن الأسئلة اللي هي في الأساس جوهر الصراع اللي عايشينه”.

“النقاش ده ممكن يحصل على عدد من الجلسات وبيتم إدارة الحوار بالتناوب بين الأشخاص، مع التركيز على أهمية كسر الحاجز النفسي اللي بين الأطراف وإننا مش جايين نتحاسب عن الماضي (لأن عمليا محدش في المجتمعين كان في موقع المسؤولية). مع التأكيد على أهمية الوصول لاتفاق، لأن لو المجموعة دي برغم إنهم يعرفوا بعض وبينهم رابط إنساني فشلت في الوصول لحل، إزاي ممكن نتوقع إن السياسيين يقدروا يتوصلوا لحل؟.

نفكر في آلية لتوثيق الحوار ونشر خلاصاته بالاتفاق بين كل الأطراف عشان كل المجموعات اللي هتتكون بعد كده تستفيد من التجربة، ويبقى فيه كتلة حرجة من الشباب بيتحرك عشان جلسات الحوار دي تحصل في كل مكان داخل وخارج مصر بشكل غير مركزي ويتشاركوا مع بعض أفكار لتطوير الحوار. ويتم عمل آلية لتجميع وتوثيق كل الحوارات دي على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل غير مركزي (مثلا على هاشتاج في تويتر أو صفحات غير مركزية على فيسبوك).

الفكرة قد تكون حالمة ولكن في النهاية هو تفكير بصوت عالي”.

الحوار إذن وليس الثورة هي المشروع الجديد.

6- بين الترميز والصمت

عندما يتطلب الأمر الحديث الأوضاع الحالية في مصر، فإن وائل يستخدم الترميز، خذ مثلا هذا “البوست” عن الأرض والعمارة:

“من فترة اشتريت قطعة أرض عشان أستثمرها وقررت إني أعمل إنجاز وأبني عليها عمارة خلال 5 شهور بس.

الاستشاري اللي أخدت رأيه استغرب وقال لي إن المدة دي قصيرة جدا وتكلفة البناء هتبقى 3 أضعاف، وإن الوقت اللي هاوفره مش هيعوض التكلفة الزيادة اللي هادفعها لأن معدلات نمو سوق العقارات منخفضة.

مش عارف ليه حاسس إن الاستشاري ده مش بيفهم، أو عنده أجندة خاصة ومش بعيد يكون مزقوق علي من أصحاب العمارات التانية في المنطقة.

المهم، أنا مصمم على بناء العمارة في 5 شهور، وعايز أبهر المنطقة كلها حتى لو هادفع 3 أضعاف التمن، حد يعرف استشاري مخلص وبيحب المنطقة يمسك المشروع؟”.

أحيانا أيضا يقرر أن يتبع سياسة “بدون تعليق” مثل تلك المرة التي شارك فيها فيديو يتحدث عن الإعلاميين القتلة الذين دعوا قوات الشرطة والجيش إلى إراقة الدماء لكسر تحركات المعارضين للإطاحة بحكم الرئيس محمد مرسي.

في مرة أخرى يكتب فقط أن صحفيا لامعا هو حسام بهجت تم احتجازه للتحقيق من قبل المخابرات الحربية.. كتب البوست بالإنجليزية ولكنه ليس إلا خبرا خالٍ من التعليق المباشر.

7- نقد مرسي وليس السيسي

Mideast Egypt

وفي ذات السياق، يمكن ملاحظة أن وائل لا زال لا يجد حرجا في توجيه النقد أو اللوم للرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، ولكنه لم يوجه ولو مرة واحدة أي نقد للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي كما أنه لم يذكره على الإطلاق.

عن مرسي مثلا يقول: “وم 23 يونيو ، قررت أسجل فيديو محاولة لزيادة الضغط على الرئيس محمد مرسي بيطالبه بإنقاذ الديمقراطية وحماية الدم المصري وعمل انتخابات رئاسية مبكرة خاصة وأنه بالفعل قد أخلف الكثير من وعوده وفقد الكثير من شعبيته وأن الغضبة الشعبية ضده حقيقية وإن البديل هيكون فتنة بين المصريين (والسؤال هو: لو كان مرسي أعلن عن استفتاء شعبي أو انتخابات رئاسية مبكرة. هل كنا هنعيش نفس المعادلة الصفرية الحالية؟)”.

8- التعليق ممنوع

يبقى أن نسجل ملحوظة على وائل غنيم في حضوره الجديد، التعليقات على التدوينات مغلقة إلا لأصدقائه.. هو يدعو لحوار المستقبل لكنه يتحسس ربما من الاستماع إلى الأصوات الغاضبة أو التساؤلات التي ستلاحقه عن الغياب وسببه.. أسفل كل بوست يعلق مجموعة من المعجبين هم في الأغلب من أصدقاء وائل فحسب.

أما خارج الصفحة فهناك أسئلة يطرحها أصحابها معظمها لا يزال يدور حول أسباب الغياب ومبررات العودة، وكثير من الإجابات المقترحة تستدعي نظرية المؤامرة باعتبار وائل ذراعا لأجهزة مخابرات تحركه ضد مصر تارة وضد الإسلاميين تارة.

أما الإجابة التي قد يبدو فيها شيء من المنطق حول سبب العودة فتلك التي تنقل عن بعض أصدقائه، فوائل كان قد قرر الصمت وعدم المشاركة بالكتابة في أي مكان لحين إنجاز مشروع موقعه الإلكتروني الذي يمثل شبكة اجتماعية لتبادل الأفكار.. كان يقول لهم إنه سيعود للكتابة يوم ينجز الموقع، وقد أصبح المشروع الآن متاحا للجماهير في طور التجريب فهل كانت عودة وائل للكتابة جزءا من حملة الترويج لـ www.parlio.com !.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى