دفاتر عتيقة / رائد عبدالرحمن حجازي

دفاتر عتيقة

أبو عطية وبعد تقاعده من وظيفته المرموقة والتي كانت تُدر عليه دخلاً شهرياً محترماً ها هو يمر بضائقة مالية لم يكن قد حسب لها حساب . فمتطلبات البيت والزوجة والأولاد لم يتم التنازل عن بعضها كذلك لم يجري أي تقنين أوترشيد في المصاريف , وعليه وقع أبو عطية بورطة لم تكن عالبال .
جلس وحيداً ومهموماً وهو يفكر في كيفية الخروج من هذا المأزق الاقتصادي . وفجأة تذكر دفتره العتيق الذي كان يُسجل عليه أسماء من تداينوا منه في الماضي ولم يقوموا بسداد ديونهم . فقد أصبح هذا الدفتر بنظر أبو عطية من التراث . صاح على زوجته مبتهجاً : أم عطية … أم عطية … تعالي جاي لترد عليه أم عطية وتقول : مالك عبيت الدار اصياح
فيجيبها أبو عطية : لدّي جاي , هاظ دفتر الدينات القديم , وبيه أسامي اللّي بقيت اديّنهم , تعالي أُقعدي بحدي وخلينا نشوف بجوز نستفيد من هالدفتر . ردت أم عطية وقالت : هات تا نشوف ولو اني عارفة النتيجة.
جحظ أبو عطية عيونه بعيون زوجته وقال : ئي .. ئي .. ولتش هاظا الدفتر بيه حوالي خمستالاف نيرة ديون , خلينا نلم منهن على الأقل الف نيرة .
وراح أبو عطية يقلب بصفحات الدفتر ويقرأ على مسمعها الأسماء والمبلغ المستحق على صاحب الأسم , وطبعاً أم عطية مهمتها ترجمة الحال لكل إسم .
البداية كانت مع أبو هلال جوز تركية , لتجيبه أم عطية وتقول : رحمة الله عليه هاظ عظامة صارن مكاحل , ثم محمود العلي أبو الفرانة . فتقول أم عطية : هاظ هج على بلاد برة من عشرين سنة , ثم سيطان أبو الجعابير . فتجيبه أم عطية : هاظ المسكين بوخظ راتب من التنمية وطول نهاره داير بالشوارع , ثم محمود البُعط . فتقول أم عطية : هاظ يا طويل العمر هستر وخرفن وما بدريش عن الدنيا شو بيها . واستمر الحال هكذا فأبو عطية يقرأ الإسم وأم عطية تترجم له بلغة الإستحالة . إلى أن وصل لإسم فليحان الامزط , فتوقفت أم عطية عن الكلام ولم تُجب كالمعتاد . هنا التفت لها أبو عطية مع نظراته المعتادة وقال : مالتش سكتي لسانتش أكلته القُطة ؟
فقالت أم عطية : لا بس من هو هاظ أني أول مرة بسمع فيه ؟ فقال لها أبو عطية : يا مرة هاظا فليحان اللي عيونه بقن امزطات تقول انهن ساحلات عخدوده … جوز غُبنة . وفوراً شهقت أم عطية وقالت : أها هسع عرفته , بتدري هاظ سافر للعاصمة من زمان واشتغل هناك بالتجارة , وبقولوا انه وظعه هسع فوق الريح . تهلل وجه أبو عطية واستبشر خيراً وقال : ها .. ها ظاعت ولقيناها , هاظا اللي بده ينجدنا .
فقالت له أم عطية : ابس بقولوا انه ما بشخ على إصبع مجروح .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى