نيلة / عبد الفتاح طوقان

نيلة

كنت قد كتبت سابقا في مقال منشور في الأردن عام ٢٠١٢، ونقلا عن محاضرة لرئيس الوزراء الأسبق زيد الرفاعي ان ” رئيس الحكومة ممسحة زفر كما يقولون في جامعة هارفرد يمتص أخطاء النظام “.
وتم توزيع المقال بكثافة في الجامعات الأردنية ونشرته عديد من الصحف العربية والمحلية بما فيها صحيفة الطلبة نيوز الأردنية على موقعها بعنوان:
” رئيس الوزراء في الأردن ”
: رئيس قلم، ممسحة زفر، رمز فساد مبطن لينقذ الاردن من كره اللهب؟.”
http://2012.talabanews.net/node/21283
ومؤخرا، بالأمس وخلال لقاء مليء بالدموع على وطن سرق، اسئلة مشابهه عن دور ولقاءات رؤساء الحكومات الأردنية التي بعضها لا تثمن من جوع، فقد حدث عديد من الاجتماعات ولم تتغير الأمور ولم يحدث أي تطور إيجابي في الساحة الوطنية. فما هو الجديد في أي وكل اجتماع؟، اين الحل والاستشارة والاطروحة والمبادرة والتوجه؟ اين الخطط والواقع؟

في نفس التوقيت وردتني استفسارات على الواتس اب وتلاقت مع محدثي المهاجر بعد ان شعر بغربة في الوطن الام، مسقط رأسه وعشيرته، ويبدو بوجه قاطع أنه من نفس عينة الشرفاء أبناء العشائر اللذين قاسوا ان الوطن الأردني ليس وطنهم، وعاشوا ببدنهم فقط داخل وطن بينما ارواحهم حلقت في فضاء غريب، قصقصوا ريشهم وارشفوهم جرعات كؤوس الألم، وارشفوهم على جدارية اقصاء للكفاءات بينما هبط بعض منهم بالبراشوتات من الفضاء الخارجي رؤساء لحكومات أوصلت “بعضها” الأردن لما هي عليه الان.

اسـئلة محورها الشعبي هو ما المطلوب “شطفه” على السلم السياسي الاقتصادي بتواجد الرقم التشاؤمي ممثلا بثلاثة عشر رئيس حكومة سابقة، وغياب ثلاث بسبب السفر خارج البلاد (نادر الذهبي، فيصل الفايز في الخليج، هاني الملقي في الاسكندرية) ورابعا بسبب بوادر مرض النسيان (مضر بدران) وتهميش الرئيس الحالي د. عمر الرزاز وعدم الاشارة اليه نهائيا.

ولنفس الغرض، نتساءل عن “النيلة” التي وصلنا اليها واوصلونا اليها ببعض من حكوماتهم التكعيبية، وكيف استخدام تلك “النيلة ” – اليوم – ذاتها للتفتيح السياسي مثلما تستخدم النيلة (زهرة الغسيل) لتفتيح الملابس وبشرة السيدات في ان واحد.

ولكن قبل الإقدام على استعمال أي مستحضرات سياسية يمثلها اجتماع موسع لرؤساء حكومات مع الملك اليس المنطق التأكد من سلامة الاستشارة حيث لا يمكن لمن أوصل الأردن الي ما وصلت اليه ان يكون منقذا لها ، والسلامة السياسية والاقتصادية لا تكون بالعواطف والتطبيل الإعلامي، كأن يقال لقاء مفيد و جيد و نقله نوعية، ولا يكون بالاستهتار برأي الشعب و ذكائه بأفراد صفحات لمزامير اعلام الدردشة المحشوة بالمغالطات و المعلومات المكررة التي ملها الشعب هجوما علي رساله خطها ١٥٠٠ شخصية وطنية قزمها نفر قليل و الصقها بشخص واحد . القضية أكبر من فرد ومن رسالة وادبيات الحديث والتحدث. الوطن اتسخ من اللعب السياسي والاقتصادي ولم تعد ” النيلة ” مخرجا.

أن ما يحدث يشكل خطورة نفاق وانبطاح واضح ينفق معه ما تبقي من مصداقية.

“النيلة ” تستخلص من القطران والنفتالين والأنالين، وكلها عناصر مشبوهة في الطب كما في السياسة، ولا نجد لها مديحاً إلا في منتديات مدفوعة الاجر ولها اجنداتها ومصالحها بما يملي عليها، وبكثرة، وهي كما تعلمون ليست مصادر موثوقة.

لذا لا مجال ولا فائدة لاستخدامها في تنظيف البشرة المحلية وتنقيحها اقتصاديا وسياسيا حتى لو اضيف لها ” الكركم” لأنها من تأليف المشاركين وقطرانهم لا من رحم الشعب وريحانيه والوطن وازهاره.

لقد ارتبطت ” النيلة ” في مصر بالأحزان وفي الهند بالأكفان واليوم ترتبط مجتمعة بكلاهما في الأردن ببؤساء حكومات يتم تنقلهم وتناقلهم مثل مكعبات زهرة الغسيل الزرقاء التي تروج للنيلة السياسية والاقتصادية السحرية والأكثر غموضا ظنا خاطئا انها قادرة لتبيض وجه الدولة.

النيلة “لا تمحو الوشم الذي في صدورنا حبا للوطن” ولن تقدر مكعباتها واصباغها السامة على قتل الامل وسرقة الفرح لأنهاء امة وتاريخ.

النيلة نيلة، وألف نيلة ونيلة، فاستيقظوا وانتبهوا من مواد مضافة لا قيمة ولا لون لها، فقد تطور عقل الشعب ويعي الأصل من الصبغة.
aftoukan@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى