من المهد الى الكفن / د.فدوى احمد علاونة

من المهد الى الكفن
بقلم د.فدوى احمد علاونة

سيسطر التاريخ كل الالم و تنقش اللوحات بلون الدم، ستأتي روح الرضيع محاسبة معاتبة من حملها من المهد الى الكفن، تسأله و تختصم معه كيف كان له و منه ان يمنع عنها رضعة و ان كانت غير مشبعة، ان يسلب منها ضحكة بمداعبة مُنهَكة، ان يحرمها متعة الحبو و بسالة الخطوة الواثقة بعد خطوة تنهض من كبوة الى كبوة ،ستسائله عن اطفاله الذين عاد يحتضنهم و يرتب ثيابهم و يقودهم الى صف الدراسة و هي التي سار بها الى باحة المقبرة .

ستفتش في لحدها عن دمية كانت تحتضنها في كل ليلة ، فباتت الدمية ذبيحة كما هي الطفلة، ستلوح له بوشاحها الذي يعانق خصلات شعرها و يسدل جمالا فوق فستانها و حذائها، تراجعه عما اذا كان ورديا ام بنسفجيا ام انه كان احمر قانيا قبل ساعة قصفها .

ستحوم حول وسادته، تهتم بنعومتها و غضاضتها، و تخبره بان وسادتها عانقت التراب الذي يتندى برقتها و ينبت الزهر حولها فيفوح عبيرا يستقي من برائتها، يصارع الدخان في الاجواء و الفحم و الحطام الذي عمّ الارجاء و الدم الذي سال كالنهر بين الوديان.
نعم، ستطل عليه ليلة زفاف اغلى ما يملك و تخبره ان كفنها لا يباع و لا يؤجر ، لا لآلئ فيه و لا «دانتيل» يعلوه بل في قلبه درة عظيمة و ماسة براقة غدت الى الجنة عصفورة طليقة

ويحه، كيف ينام ليله و يحتسي شرابه و يهنأ بطعامه، ويحه و الوردة تشتكيه و التربة تسبه و الشجرة تلعنه و السماء تبكي الى رب السماء؟ ويحه اين ظن انه يطير و ايّ شيء به من العذاب يستجير ؟

ألا يعلم ان عمره و ان طال قصير و كفنه و ان لم يره ما هو الا على الله يسير، و دنياه و ان طال متاعها فهي به الى الاخرة تسير؟
قصف و سيقصف و الله َ نسأل بعذابه لروحه و كل ما يملك ان يخسف

#كل ما في ياسف على اهلنا في الغوطة

ابادة جماعية و اطفال باكفان ، احداهم لا تتعدى من العمر «متاع كوفلية» ، سار بها القصف الاثم الى احضان الكفن و اعماق الارض
اللهم انصفهم و الطف بهم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى