مقابل يوم / سهير جرادات

مقابل يوم

مقابل يوم .. يسلبونكِ عمرك ، وإرادتكِ وكرامتكِ وأحلامكِ وآمالكِ ، ويحتفلون بكِ صورة تكميلية؛ تماشيا مع قرارات عالمية، فيما هم يحرمونكِ من أبسط حقوقك .
مقابل يوم .. يمثلون به على أنفسهم قبل أن يمثلون عليكِ ، ويتخذون منه يوما لتكريمكِ وتبجيلكِ ، ومنحكِ فرصا وهمية للنجاح والانتصارات وهو بالأصل يجب أن يكون حَقكِ.
مقابل يوم .. يمنحونك به حقك الذي يسلبونكِ إياه 364 يوما وربع اليوم .. ويحتفلون بك وهم غير مقتنعين به ولا بدورك ، يحتفلون به ظاهريا ، ويبطنون لك صورة نمطية… يُنكرون عليكِ أحلامكِ وقدراتكِ وتحقيق ذاتكِ ، وهم على قناعة بأن الاحتفال مجرد لعبة سمجة لمدة يوم فقط ، لتعود الامور إلى ما هي عليه.
مقابل يوم .. يرسمون فيه على وجوههم ابتسامة صفراء لا تتطابق مع أفعالهم طوال العام الذي لا يسجل أي نوع من الرضا ، يَدعون ما لا يؤمنون ، ويقولون عكس ما يفعلون ، ويفعلون عكس ما يبطنون ، ويفعلون عكس طبيعتهم.
مقابل يوم .. يحتفلون به بالمرأة لمجرد أن يقال عنهم إنهم حضاريون ، يَتصفون بالتقدم والرقي الفكري ، وفي الوقت ذاته يُجردونكِ من حقوقكِ بالميراث ، ويحرمونكِ من حقكِ في اختيار التخصص المهني بحجة عدم ملاءمته مع انوثتكِ، التي أصلا سلبوكِ إياها تحت عنوان القوامة ، ويمارسون عليها أبشع أصناف سوء استخدام السلطة ، ويريدون منك الطاعة، بل الطاعة العمياء .
مقابل يوم .. يحتفلون به رغم تأكيدهم أن مكانها ليس هنا في الصفوف الأمامية ، و يهضمون أحلامك وآمالك كل يوم ، ويتنكرون لها، وينكلون ويُبطشون بها وهم كل يوم ينعمون بكرمكِ وأخلاقكِ وعطفك وحنيتك وجهدك ، ويتنكرون لك تحت بند: ” أنا صاحب السطوة ، وأنت دورك الخنوع “.. “أنا القوامة وصاحب الكلمة الأولى ، وأنت التابعة “..
عن أي يوم تتحدثون !؟ .. عن يوم للمرأة أم عن أيام ضد المرأة ، إذا كنا نتحدث عن يوم المرأة العالمي ، فهناك 364 يوما ضد المرأة.
أيتها المرأة ثوري على نفسك؛ لتثوري في وجه الرجل الذي يريدكِ بلا حقوق ،
ورغم أنك ضحية القصور في العقول قبل القوانين والعادات والتقاليد ،ستبقين أنت الجمال الداخلي قبل الخارجي ، وأنت عنوان الثقة والتضحية والوفاء والعمل والمثابرة والقدرات اللامتناهية..
كيف لا وأنت التي سجلت عبر التاريخ العديد من الانجازات والإبداعات ، ومن أهمها تربية الأبناء وتنشئتهم ، الذين مع الأسف تحول أغلبهم عند الكبر إلى أبناء عاقين اذ تنكروا لكِ ، ولجهودكِ وحاربوك، وكسروا يديك اللتين هدهدت بهما على صدورهم …. وهم بالمهد ..
مقابل كل يوم، يحرمونك كل الايام … ولكنك ستظلين كل الايام مصدر الحياة للانسان على الارض، وستظلين كل الايام نبع الخير كله ..

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى