مفاجآت قد لا تكون سارة على طريق درعا ـ البحر الميت

الأردن «تحت الضغط» ومفاجآت قد لا تكون سارة على طريق درعا ـ البحر الميت: عقدة «الجنوب السوري» في عنق الأزمة وخلافات داخل «المعسكر الخليجي» والرؤية غير موحدة مع السعودية

كتب ….. بسام البدارين

اشتداد المعركة عسكرياً في محيط وأطراف دمشق العاصمة السورية وتدشين التقاسم الإقليمي والدولي تحت عنوان «تحرير الرقة» واستعادتها من تنظيم «الدولة ـ داعش» عناصر أصبحت ضاغطة على الأردن تحديداً لأنها ببساطة تعني عشية تحضيرات قمة البحر الميت بأن الاستحقاق «المؤجل والمقلق» يقترب في الطريق.
الحديث عن الاستحقاق هنا واستنادا إلى مصادر أردنية مغرقة في الاطلاع له علاقة بملف «الجنوب السوري» تحديداً لإن القناعة راسخة أولا بان الخلافات بين الأطراف اللاعبة الأساسية في تمويل ودعم قوى المعارضة العسكرية في الجنوب سيؤثر على مجريات وأجندة القمة العربية.
ولأن القناعة راسخة ثانياً بان هذه الخلافات قد تنتهي بمفاجآت تقود إلى المحظور الأول بالنسبة للأردن وهو تحول الجنوب السوري الملاصق للخاصرة الشمالية للمملكة إلى مسرح عمليات متسع يمكن ان تستخدم فيه اسلحة ثقيلة بما ينتج عن ذلك من فوضى لا يمكنها ان تكون خلاقة.
وزير الإتصال الناطق الرسمي بإسم الأردن الدكتور محمد مومني شدد مجدداً امام «القدس العربي» على ان استراتيجية بلاده في التعاطي مع جنوب سوريا لم تتغير فهي تحرص على عملية سياسية تقود لاستقرار سوريا وتسمح بعودة اللاجئين إلى بلادهم وتسهر في الوقت نفسه على بقاء تفصيلات الأزمة السورية خلف الحدود وفي الأرض السورية.
هل يمكن للأردن ان يضمن بقاء الأزمة خلف الحدود إذا ما بدأ مسلسل «الحسم في الجنوب»؟ هذا سؤال سياسي بامتياز سرعان ما يتحول إلى سؤال «أمني وعسكري» يطرح سيناريوهات «مرعبة جداً» بالنسبة للأردنيين.
الانطباع الذي يروجه الأردنيون في أضيق القنوات يؤشر على وجود «خلافات من كل نوع» مرة سياسية وأخرى تكتيكية بين الدول العربية تحديداً وبعض الدول الإقليمية على التفاصيل في تلك القرى والمجمعات السكانية التي يوجد فيها قوات عسكرية في الجنوب السوري بمحاذاة وحول محافظة درعا.
عمان كانت قد ارسلت مبكراً رسالة «وئام وتحية» للنظام السوري عندما اعتذرت بـ»لباقة» عن دعوته لحضور القمة العربية وذلك عندما صرح المومني بان «رموز الدولة السورية» موجودة في القمة العربية معتبراً لاحقاً بأن عودة سوريا للحضن العربي مسألة ستحسم بعد إنضاج العملية السياسية. التحية اكتملت قبل ذلك بعرض أردني للمساعدة في استعادة مدينة تدمر الإستراتيجية القريبة من صحراء البادية الشمالية الأردنية.
طبعاً العرض رفض لكن دمشق تتعامل مع الأردن بالقطعة عملياً وترفع من مستوى الاتصالات التنسيقية معه طوال الوقت فيما يجتهد الأردن لإظهار تباينه في الموقف الميداني والسياسي عن تلك الأطراف العربية والإقليمية التي تدعو لإسقاط او إجتثاث النظام السوري.
لكن هذه التحية لا تعني عدم وجود خلافات تعبر عنها مواقف المجموعات العسكرية المحتشدة في محيط درعا حيث «جبهة النصرة» القوة المركزية التي يرتاب فيها الأردن وتعتبر مقربة من بعض الدول الخليجية.
وحيث مجموعات وتشكيلات محسوبة على السعودية في المكان وحيث فصائل من «الجيش الحر» لا يمكنها التحرك بدون الأردن وحيث توجد الأقمار الصناعية الإستخبارية الإسرائيلية التي تلتقط كل صغيرة وكبيرة في الأرجاء وتتعاون مع عمان.
الأجندة الخلفية للاتصالات البينية التي سبقت تحضيرات القمة العربية تشير لوجود خلافات حتى داخل بعض المحاور من التكتيك الواجب في الجنوب في حال التحول بدعم روسي باتجاه سيناريو «استعادة الجنوب» حيث ترصد تجمعات عسكرية ومحاولات في الأيام الأخيرة الماضية.
ثمة خلافات ملموسة بين الأردن وحليفه السعودي بالسياق لان عمان لا تريد الاستمرار في هذه المرحلة بإقامة غرفة عمليات عسكرية عبرها لإدارة الحرب ضد النظام السوري ولا تريد «ضخ» المزيد من الأموال والأسلحة عبر الحدود الأردنية السورية.
الموقف الميداني الأردني لا يعجب السعودية حسب مصادرنا لكنه يعجب مصر ودولة الإمارات التي تحتفظ بتحفظات جوهرية بدورها في مسألة الجنوب السوري تتقاطع مع الأجندة السعودية التي تتعاكس بدورها عملياً مع الاستراتيجية القطرية النافذة في اوساط بعض قطاعات المعارضة المسلحة.
في المقابل يظهر الجانب الروسي الذي جاملته عمان بقوة أولاً بإتفاقية التنسيق في مجال الطيران العسكري، وثانياً بدعوته رسمياً لحضور قمة البحر الميت ميلاً للحضور والتواجد بقوة في التفاصيل عندما تبدأ معركة الجنوب السوري. خلف الستارة تعهدت موسكو للأردن بان تبعد قدر الإمكان مجموعات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني عن مدينة درعا البلد بالقرب من الحدود مع الأردن حيث ان الأردن يرفض تماماً «اللعب» مع الروس بخصوص الجنوب والتنسيق معهم بوجود قوات عسكرية موالية لإيران بالمحيط الجغرافي.
الأردن ايضًا يجازف بإغضاب تيار سعودي نافذ وجناح في الإدارة الأمريكية وهو يتقارب باجتهاد منفرد مع روسيا ودمشق في المجال الأمني. لكنه يشترط ميدانياً في حال تدشين اي معارك تحت ستار إستعادة الجنوب أولا التنسيق التفصيلي معه حدودياً، وثانياً ـ وهو الأهم ـ عدم استخدام النظام السوري للمدفعية الثقيلة تجنباً للإرباك.
لذلك يمكن القول بان حسابات الميدان في جنوب سوريا متقاطعة ومتعاكسة وداخل حتى المعسكر الخليجي توجد خلافات وهي خلافات يسمع صداها الآن في إطار تحضيرات القمة العربية دون معرفة ملموسة لنتائج هذا الصدى على القمة نفسها.

القدس العربي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى