نحنُ العناكب حين كُنتم البَعوض! / مادلين أحمد

نحنُ العناكب حين كُنتم البَعوض! / مادلين أحمد

إن أكثر ما يُثير الجدل في هذه الصفحة من التاريخ الذي سيُكتب ويُنقل للأجيال القادمة هي زوبعة مواقع التواصل الاجتماعي وارتباطها بأحداث الأمة. سيُصاب قارئ تاريخنا بالانفصام العقلي، حزينة عليه وعلى كمية الأسئلة التي لن يجد لها أي جواب، فها هُنا نحن لا نملك أي إجابة نكتبها له، تماماً كما تُركنا بلا أي إجابة واضحة عن جُل ما ورثناه!
في بداية ” الربيع العربي ” واندلاع الثورات التي كانت أُولى شعلاتها مُنبثقة من الفيسبوك عبر تنظيم تجمع سلمي يُنادي بمطالبٍ مُعينة لشعب ما، أو احتجاج على سياسات تُؤذي شعباً آخر. أو الحاجة لاختراق حسابات لبعض الشخصيات المهمة والتي كشفت عن بعض المؤامرات التي أدت لحصار وخصومات بين الشعوب التي كانت أبد الدهر متآخية!
إن كل هذه النقاط الإلكترونية التي تعتمد اعتماداً كلياً على شبكة عنكبوتية واحدة تُعبر وبشكل واضح عن مدى قوة هذا الفضاء! وبأنه سلاح أبيض بُعثت به روح غريبة جعلته محض خطر أدى إلى تقديم أصناف من الجرائم التي لم تكن متداولة سابقاً، سُميت بالجرائم الإلكترونية.
على الجانب الآخر من هذا الحاسوب تجد الضعف، فإذا ما قمت بنشر شيء يُعبر عن تضامنك مع قضية ما، هوجمت بأنك لن تُقدم ولن تؤخر بمنشورات وكلام مرصوص أو صورة مُوحدة تعبر عن موقف ما! كيف لهذا العنكبوت أن يتحلى بالجبروت وقتما يُريد وبأن يُغرقنا بقلة الحيلة وقتما يأبى الإرادة!
يا قارئ تاريخنا سأهديك جواباً علّه ينفعك في بحوثك، أو يُخفف من حدة الإنفصام الذي قد سبق وسببناه لك. نحنُ حقيقة لا نكترث بما سنورثه لك ولا يعنينا إن تركنا لك جنة خضراء أو كومة من الفحم الأسود. تغيب عنّا حاجتنا للمقاومة واسترداد ما لنا – الذي سيكون لك- ونعلم بأننا سنموت ولن نأخذ حقنا، فلن نُضيع القليل الباقي من أعمارنا لنُهديك راحة على حساب أرواحنا. أرجوك لا تتعجب من زمن الحاسوب العنكبوتي وقهره وفتكه بنا، فعلى الأغلب أننا تعودنا أن نكون جناح بعوضة، لا أضعف.
ولكني سأصارحك بحقيقة أكبر وهي أنني سعيدة بأنك سترى بأنني في اليوم الفلاني للقضية الفلانية كان لي حضوراً عنكبوتياً بعكس الذين اختاروا أن يكونوا ما فوق جناح البعوضة. أتدري ما فوقها؟ جُرثومة، جُرثومة أصغر، لا تُرى بالعين المُجردة ولكنها أصل المرض؛ هم أصل كل المرض يا قارئي لا غيرهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى