مجاقمات / يوسف غيشان

مجاقمات
المجاقمة.. كلمة أردنية فصيحة، لن اشرحها، لكم، لان كل عربي منا (اجقم) من ان لا يعرفها، أو يعترف بأنه لا يعرفها.
والمجاقمة جزء لا يتجزأ من الواقع السياسي والاجتماعي العربي، وهي تحتل مكان الحوار وعصف الأفكار والنقاش وما شابهها من مصطلحات هي في الواقع أسماء أخرى أقل شعبية للمجاقمة!!! (يسميها البعض مجاعمة)!!
مسابقات يومية نخوضها باستمرار في مجاقمة بعضنا أفرادا ومجتمعات مدنية، وأحزابا وحكومات. إنها تشبه المنسف في انها تجمعنا، حتى لو اختلفنا.
الرجل يجاقم زوجته والزوجة المصون تجاقمه!
الصغير يجاقم الكبير والكبير يجاقم الصغير!
الذكي يجاقم الأحمق والأحمق يجاقم الذكي!
التلامذة يجاقمون الأساتذة والأساتذة يجاقمون التلامذة!
الأحزاب تتجاقم فيما بينها ويتجاقم الحزبيون الذين ينتمون الى ذات الحزب.
الحكومة تجاقم الأحزاب والأحزاب تجاقم الحكومة!
لاحظوا ان الحكومة تجاقم الجميع والجميع يجاقم الحكومة.. بمعنى ان الحكومة تجمع الجميع ،أي ان الحكومة منسف.. أو تشبه المنسف:
الرأس للرأس
ولسان المعارضة يؤكل وتسمل عين الرأس دلالة على جدية الحكومة في مجاقمتها, لكن أحدا لا يصدق ذلك حتى لو أكلت حاوية من العيون البلدية، لان خلافات المجاقمة تحل بالتراضي في النهاية. هكذا تعلمنا جميع تجارب التاريخ الأردني الحديث!!
ليست عداء ولا عدوانية بل هي لعبة نمارسها لنتسلى لأننا لا نجيد الحوارات المنطقية ولا نمتلك شجاعة الاعتراف بالخطأ، حتى أننا نقيم خلوات خاصة للدوائر والمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية تتخصص في المجاقمة… نتجاقم بكل أريحية ثم نعود أحبابا اصحابا كأننا لسنا نحن الذين كنا نتجاقم قبل قليل .. نبخس أراء بعضنا ويخّون بعضنا الآخر ونكاد نتضارب بالأحذية والمتكات
المجاقمة فن، ذوق، أخلاق، وأدعو الحكومة إلى محاولة فرضها على الألعاب الأولمبية مع ألعاب أخرى مثل (التزلج على الجميد، الانطلاق فوق حمار ونحن نحمل تبانية ..مناطحة كبش في الهواء الطلق، مسابقة رمي القطة من فوق البيدر.. وغيرها!!
هذه فرصتنا الوحيدة للحصول على ميداليات ذهبية في مسابقة دولية!!
من كتابي (مؤخرة ابن خلدون)الصادر عام2006

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى