” لا تضحك … “
استعد الجميع …. الكبير و الصغير و المقمط بالسرير …. اليوم استثنائي …. المسؤول قادم في زيارة نادرة و غير معلنة و مفاجئة …. و بدون أي تغطية اعلامية … يعني لا تلفزيون و لا إذاعات و لا حتى ترتيبات أمنية …. فالزيارة سرية و مفاجئة للجميع !!!
عمال ” وطن” ينظفون الشوارع بالماء و الصابون …. و بجميع الاتجاهات …. منذ ليلة أمس و بدون أن يعرفوا أن المسؤول قادم …. أزالوا كل القمامة من امام البيوت و ووضعوا مكانها ” قواوير ” ريحان و ياسمين …. و انطلقت جموع المتطوعين من شباب البلدة و شاباتها ليدهنوا أطاريف الشوارع و هم لا يعلمون ان هناك زيارة مفاجئة لبلدتهم التي لم يزرها أحد منذ أكثر من عقدين….
استغرب ” أبو العبد ” صاحب الدكان أن أشكالا غريبة ترتدي “بذلا رسمية ” حركت مخزونه من ” قناني البيبسي” … لا بد أنهم مسؤولين يتفقدون اوضاع الخدمات في البلدة قبل وصول المسؤول المفاجئ…
اصطفت الاهالي على جنبات الطريق …. و لم يكد الجمع الغفير ان يلمح الموكب ” المفاجئة” يقترب من تخوم بلدتهم حتى انطلقت ” الزغاريد ” …. و لم يوفر ” أبو محمد” و اولاده أي جهد لذبح عجلهم الوحيد على قارعة الطريق ابتهاجا بالضيف المفاجئة ….كانت تفوح من بيت المختار رائحة الجميد المخلوط باللبن فتزكم الانوف …. فقد وصل ضيف الفجأة و معه حاشية عظيمة …. جعلت المختار ” يزرب” عرقا …لأنه لم يحسب حساب كل هذه الجموع.
ألقى الضيف بعجالة كلمة مختصرة مفيدة بأن كل شئ على ما يرام و بأن القادم حتما سيكون أحلى …. صفقت له الجموع كثيرا و طويلا …. انبرى “حمودة” من بين الجموع ليسأل المسؤول …. فقال له عندي لك سؤالين فقط …. السؤال الاول: هل سترسلون طبيبا لمركز البلدة كما تم وعدنا قبل عقدين …. انتفض الضيف و انتفخت اوداجه موجها الكلام بغضب للمختار : ألم يتم ارسال طبيب لبلدتكم من قبل …. و استل هاتفه … و راح يتحدث أمام الجمع و يتكلم بنبرة غاضبة آمرة … و بعد أن انهى الحديث … التفت لحمودة و جميع الحضور …. لقد تحدثت للتو مع الوزارة و اعتبارا من الغد سيكون عندكم الطبيب …. و ما هو السؤال الثاني ؟
ابتسم حمودة مشدوها : كنت سأسألك لماذا لا يوجد تغطية تلفون او شبكة لبلدتنا ؟!!
وضع المسؤول هاتفه في جيبه وسط تصفيق حار من الحضور … و احضر حمودة منديلا ورقيا للمسؤول كي يمسح عرقه….
” لم يضحك أحد أبدا و لا حتى حمودة ”
” دبوس عالشبكات”
