فضل أفضل أيّام الدّنيا” العشر من ذي الحجّة ” / إسماعيل أبو لبدة

فضل أفضل أيّام الدّنيا”العشر من ذي الحجّة”
بقلم: إسماعيل سامي غسان أبو لبدة
الحمد لله ثمّ الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله محمد-صلّى الله عليه وسلّم- وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الله تعالى : “وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ” (المطففين: 26).
نحمد الله عزّ وجلّ ونشكره أن منّ علينا بمواسمٍ عديدة للطّاعات خلال العام؛تتيح لنا فرصة مراجعة الذّات وإصلاح النّفس والرّجوع والإنابة إليه وتجديد العهد معه، فالسّعيد من يشمّر عن ساعده ويستعدّ لهذه المواسم بنيّة صادقة ودافعيّة كبيرة وقلب سليم وتوبةٍ صادقة عازمًا في قرارة نفسه على استثمار كلّ دقيقة منها وفي جعبته العديد من الأعمال الصّالحة الّتي ينوي القيام بها، فبعد أن انقضى شهر رمضان المبارك الّذي أظلنا بنفحاته الإيمانية ولياليه الرّوحانيّة وعشره الأواخر(أعظم ليالي العام) وبعد أن غادرتنا السّت من شوال، أصبحت النّفس توّاقة لموسم جديد لتشحذ فيه الهمم وتعلو بالطّاعات إلى القمم وتتقرب من ربّ الرّحمات وتجدد العهد وتكفر الذّنب وتطهر القلب….فها هي نسمات الموسم الجديد تطلّ علينا وأيّ موسم! إنّه خير المواسم وأجلها قدرًا وأعلاها أجرًا وأسماها فضلًا إنّه موسم ضمّ “أفضل أيام الدّنيا” وأكثرها طاعةً (العشر الأوائِل من ذي الحجّة)، أيّام اجتمعت فيها فضائِل وعبادات لم تجتمع في سواها من الأيّام، فأصبحت بلا أدنى شك أفضل أيام العام…فشمّر عن ساعدك واستعدّ وخطط لها.

وممّا يميّز هذه الأيام عن سواها من أيّام السّنة اجتماع عدد من الفضائِل الّتي لا توجد إلّا فيها :

1.أقسم الله عزّ وجلّ بها في قوله: “وَالْفَجْرِ ﴿١﴾ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴿٢﴾” سورة الفجر : ونحن نعلم أن الله سبحانه وتعالى إذا أقسم بشيء دلّ ذلك على عظم أجره وعلو قدره ورفعة شأنه .
2. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهِد لها بأنها “أفضل أيام الدنيا” :
فعـن جابـر ـ رضي الله عنه ـ ، قـال : قـال صلـّى الله عليـه وسـلّم : أفضـل أيـام الدنيـا أيـام العشـر، رواه البزَّار، وصحَّحه الألباني.
3. عِظم وفضل العمل الصالح فيها وكثرة ثوابه :
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم: -ما من أيّام العمل الصّالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام -يعني أيام العشر- قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلٌ خرَج بنفسه وماله ثمّ لم يرجع من ذلك بشيء . رواه البخاري.
4.اجتماع أمهات العبادات فيها من صلاة وصيام ودعاء وصدقة وحجّ وتلبية وتكبير وتسبيح وتهليل واستغفار وتلاوة القرآن والنّحر وغيرها.
5. أن فيها يوم عرفة، هذا اليوم العظيم، فصيامه يكفر ذنوب عامين فقد روى مسلم وغيره أنّ النبي –صلّى الله عليه وسلّم- قال “صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السّنة التي قبله والسّنة التي بعده”، والدّعاء فيه عظيم فقد روي عن النّبي صلى الله عليه وسلّم أنّه قال”خير الدّعاء دعاء يوم عرفة” رواه التّرمذي وحسّنه الألباني، وفي هذا اليوم عتقاء من النّار أكثر من غيره من الأيّام لقوله- صلى الله عليه وسلّم: “ما مِن يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة”رواه مسلم، فلو لم يكن في العشر إلّا عرفة لكفاها ذلك فضلًا.
6. أنّ فيها يوم النّحر خير الأيّام عند الله : قال ابن القيم – رحمه الله – في زاد المعاد: ” خير الأيام عند الله يوم النّحر كما في سنن أبي داود عن النبي صلى الله عليه وسلم : ” إن أعظم الأيام عند الله يوم النّحر ” صححه الألباني، وهو يوم الحج الأكبر لاشتماله على معظم أعمال الحجّ من رمي لجمرة العقبة والنّحر والحلق والتقصير والطّواف والسّعي وأنّه عيد المسلمين، فقد قال -صلّى الله عليه وسلّم- : ” يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام ، وهي أيام أكل وشرب ” رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
إنّ مما تقدم من سردٍ لفضائِل أيام العشر من ذي الحجّة يقودنا إلى الشّعور بعظم هذه الأيّام وفضل اغتنامها وحسن استثمارها، لما فيها من رحمات ونّفحات وقربات وسكينة وطمأنينة ومغفرة وتوبة.
ومّما يستحبّ في هذِه الأيّام العظيمة:
1. الصّلاة: حافظ على صلاتك في وقتها مع الجماعة مع التّبكير للصّلاة، وأكثر من النّوافل فإنّها تورث محبّة الله تعالى، فقد قال الله سبحانه في الحديث القدسي: “وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الّذي يسمع به، وبصره الّذي يبصر به، ويده الّتي يبطش بها، ورجله الّتي يمشي بها، ولئِن سألني لأعطينّه، ولئِن استعاذني لأعيذنّه.رواه البخاري.

2. الصّيام: ويستحبّ صيام أول تسعة أيّام من ذي الحجّة لعظم الصّيام ولدخوله في باب الأعمال الصّالحة الّتي حثنا الرّسول –صلّى الله عليه وسلّم- عليها؛ بل إنّه يعدّ من أعظمها وأفضلها وأجلها قدرًا فقد اصطفى الله الصّيام لنفسه كما في الحديث القدسي ، روى البخاري ومسلم عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ اللَّهُ :” كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِه”،وفي الحديث عن النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم:”من صام يوماً في سبيل الله – أي مبتغياً به وجهه أو مرابطاً في سبيله – باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)) متفق عليه.
3. التّكبير والتّهليل والتحميد: قال الإمام البخاري رحمه الله: “كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السّوق في أيّام العشر يكبران ويكبر النّاس بتكبيرهما”…وتكاد تكون هذه سنّة مهجورة علينا إحياؤها.
4.صيام يوم عرفة: وقد سبق الذّكر بالحديث عن فضله وفضل صيامه قال-صلّى الله عليه وسلّم “صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السّنة التي قبله والسّنة التي بعده” رواه مسلم.
ومن الأعمال الصّالحة أيضًا:الحجّ لمن يستطيع، تلاوة القرآن الكريم، برّ الوالدين، صلة الرّحم، الصّدقة، الاستغفار، التّسبيح، الأضحية، إسباغ الوضوء، زيارة المريض، صلاة الجنائِز، إكرام الضّيف، إعانة المحتاج، إغاثة الملهوف، مساعدة الفقير، الدّعوة لأخيك بظهر غيب، العطف على اليتيم، التبسم في وجه أخيك، إفشاء السّلام، إطعام الصّائم، إدخال السّرور على قلب مؤمن، إصلاح ذات البين، المسامحة، إماطة الأذى عن الطّريق، زيارة الأقارب، الصّلاة على الحبيب، السّعي في قضاء حوائِج النّاس، الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، تقديم ماء و طعام للحيوانات مع الرّفق بها، التّعاون على البرّ والتّقوى، قراءة الأحاديث والأذكار….وهناك العديد والعديد.
وتذكر/ أخي المسلّم وأختي المسلمة أنّ حياتك دقائق معدودة وأيّام قليلة وأن ليس للطّاعةِ وقتٌ محددٌ ، بل إنّ المسلّمَ دائِمُ العبادةِ والطّاعَةِ وهي لا تنتهي بحقهِ إلا عندما يُغادر الدّنيا”وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ” (الحجر:99)، فربُّ رمضانَ هو ربُّ شعباَن ورب شوالَ وذي الحجة.
سبحانك الله وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى