ملابسات جديدة في واقعة انتحار الشابة بسنت خالد تغير سير القضية

سواليف

صدر بيان النيابة العامة المصرية، في واقعة انتحار الشابة #بسنت_خالد (17 عاماً) من مدينة كفر الزيات في محافظة الغربية، التي وقعت ضحية #الابتزاز_الإلكتروني، ليكشف عن #ملابسات_جديدة تماماً غيرت سير القضية وحجم التعاطف وأصابع الاتهام.

حيث قررت النيابة العامة، حبس متهمين اثنين احتياطياً على ذمة التحقيقات، لاتهام أحدهما بهتك عرضها حال كونها طفلة، لم تبلغ 18 سنة، باستطالته لعموم جسدها، وتهديدها بإفشاء صور فوتوغرافية ومقطع مصور منسوبين لها حصل عليهما خلسة، بنشرها بمواقع التواصل الاجتماعي، واتهام الاثنين باعتدائهما على حرمة حياة المجني عليها الخاصة، وإذاعتهما علناً تلك الصور والمقطع، واستعمالهما بغير رضائها، وتعديهما بذلك على المبادئ والقيم الأسرية بالمجتمع المصري.

وتدخل “استطالة الجسد” في القانون المصري، تحت بند #جرائم_هتك_العرض.

بيان النيابة العامة الذي أكد أن الصور ومقاطع الفيديو غير مفبركة، لم يغير شيئاً في توجيه الاتهامات للمتهمين بابتزاز الفتاة، بل أضاف لهم اتهامات أكبر، ولكنه أضاف أيضاً متهماً جديداً، وهو مدرّسها الذي تنمر عليها بسبب تلك الصور، وقد تطال الاتهامات أيضاً أفراداً من أسرتها.

وقال حقوقي، فضل عدم الكشف عن هويته، إن استدعاء النيابة للمدرّس الذي تنمر عليها، وكان أحد أسباب الصغط النفسي عليها الذي دفعها للانتحار؛ يكشف أن استدعاءات أخرى مقبلة ستضيف متهمين جدداً في القضية. وتابع: “القضية يمكن أن تتحول لقضية قتل عمد، إذا ثبت أن أهل بسنت كانوا على علم بنيتها للانتحار، وفقاً لما كشفته تحقيقات النيابة أن أفراداً من أسرتها وتحديداً خالتها كانت على علم بشرائها حبة الغلال برفقة صديقتها، أي أن أسرتها دفعتها دفعاً لقتل نفسها”.

وحبوب حفظ الغلال متاحة في مصر بسعر منخفض، ما يجعلها وجهة سهلة لمن يفكر في الانتحار، وتحتوي تلك الحبوب على فوسفيد الألومنيوم، الذي يدخل فى صنع “حبوب حفظ الغلة” ويتحول لغاز الفوسفين السام في المعدة، ويتسبب في قتل كافة خلايا الجسم وفشل في كافة أعضائه.

ولفت الحقوقي أيضاً إلى تصريحات والد بسنت لوسائل الإعلام، التي تطرق فيها لشرف العائلة والقرية، بما يوحي أنه ربما كان على علم أن الصور ومقاطع الفيديو كانت حقيقية وغير مفبركة، وأنه ربما مارس عليها ضغوطاً لدفعها للإقدام على الانتحار.

كل هذه المتغيرات التي كشفت عنها التحقيقات في القضية؛ تفاعل معها الرأي العام وارتد صداها على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، بعدما قلت وتيرة التعاطف مع الضحية بمجرد الكشف عن أن الصور حقيقية وغير مفبركة، على الرغم من أن النيابة أحالت أحد المتهمين بتهمة هتك عرض طفلة، على اعتبار “عدم الاعتداد بموافقة الأطفال”.

وعلى الرغم من إعلان بيان النيابة أن الفتاة تعرضت لهتك العرض وهي قاصر، ما يستوجب التعاطف معها أكثر، ويزيد الاتهامات للجناة التي قد تؤدي بهم لعقوبات أشد، إذ اعتبر القانون هتك العرض جريمة حتى لو وقعت على من لا يصون شرفه؛ فإن حجم التعاطف معها قلّ.

وقد تناول القانون هذه الجريمة في المادة 268 عقوبات، حيث تنص على: “كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع في ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة من ثلاث سنين إلى سبع، وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ 16 سنة كاملة أو كان مرتكبها ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة 267، يجوز إبلاغ مدة العقوبة إلى أقصى الحد المقرر للأشغال الشاقة المؤقتة وإذا اجتمع هذان الشرطان معاً يحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة”.

أما إذا وقعت الجريمة دون قوة أو تهديد، أي بموافقة المجني عليها؛ فقد اعتبراها القانون جنحة معاقبة عليها بالحبس، ونصّت المادة 269 عقوبات على: “كل من هتك عرض صبي أو صبية لم يبلغ سن كل منهما 18 سنة كاملة بغير قوة أو تهديد يعاقب بالحبس، وإذا كان سنه لم يبلغ سن سبع سنين كاملة، أو كان من وقعت منه الجريمة ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة 267؛ تكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة”.

مسؤولية الإعلام عن التخبّط في التعاطف مع الضحية

ويعدّ الإعلام مسؤولاً عن حال التخبط في التعاطف مع الفتاة، بتناوله الرواية الأولى للفتاة التي صورت القضية بشكل مغاير، وكأنها الحقيقة المطلقة، ليقوم بيان النيابة العامة بنسف تلك الرواية.

فالتعاطف مع بسنت، بني أولاً على قرار الانتحار باعتبارها ضحية صور مفبركة، حيث تركت خلفها رسالةً أخيرةً لوالدتها، تطلب منها أن تفهمها، قالت فيها: “ماما يا ريت تفهميني أنا مش البنت دي، ودي صور متركبة والله العظيم وقسماً بالله دي ما أنا، أنا يا ماما بنت صغيرة مستهلش اللي بيحصلّي ده، أنا جالي اكتئاب بجد، أنا يا ماما مش قادرة أنا بتخنق، تعبت بجد. أنا متربية أحسن تربية”.

لكن بعدما كشف بيان النيابة أن الصور غير مفبركة، تراجعت نبرة التعاطف، التي تصدى لها ونشطاء حقوقيون ونسويات.

وقد لمّحت ناشطة نسوية لتراجع نبرة التعاطف والدفاع عن بسنت، فكتبت عبر حسابها على “فيسبوك”: “من كان يدافع عن بسنت لأن الصور مفبركة؛ فالصور ليست مفبركة. ومن كان يدافع عن طفلة ضد الاستغلال والغدر والابتزاز فشكراً لوقوفك جانب الحق”.

وكتبت ناشطة أخرى: “لم يعد تعاطفي معها مثل السابق، الآن يزداد تعاطفي معها وقلبي أكثر. مغدور بها من شخص وضيع ربما تكون أحبته. ومغدور بها من أسرتها التي أصبحت في موقف المتهم بالقتل العمدي. ومغدور بها من مجتمع متخلف. قلبي انكسر أكثر عليها”.

بعض النشطاء، تمسكوا أيضاً بالرأي الديني للقضية، الذي صدر عن دار الإفتاء المصرية، قبل صدور بيان النيابة العامة، بأن الابتزاز الإلكتروني جريمة ومعصية مهما اختلفت مبرراته، حيث قالت دار الإفتاء في بينها: “إن الابتزاز الإلكتروني جرم يرتكبه الإنسان عن طريق التهديد والإكراه، وهو معصية ذات إثم كبير تصل إلى كونها كبيرة من الكبائر. وحيث إن الشريعة جاءت بحفظ الضرورات الخمس (الدين والنفس والعرض والعقل والمال)؛ فإن الابتزاز والمعاونة عليه هو محض اعتداء على هذه الضرورات”.

المصدر
العربي الجديد
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى