المحظيون / سهير جرادات

المحظيون
سهير جرادات

محظيون بيننا ، يأكلون مالا يزرعون ، يَحصدون تعب غيرهم ، يتمتعون بمنجزات الأخرين ، يُغَلبون مصالحهم على المصلحة العامة ، فيحققون أهدافهم على حساب الغير ، ويتملقون للحصول على المكتسبات ،ويتزلفون للمسؤول،لا بل إنهم يتفوقون في سلب حقوق ليست لهم .

هؤلاء المحظيون يتصدرون المقدمة ، يتنقلون بين الوظائف المهمة ، ينتشرون في المواقع الحساسة ،يتقلبون على الوظائف ، ويستفردون في المناصب فقط لأنهم يخضعون للأوامر التي تخدم أولياءهم ، فتجدهم ينفذون طلباتهم وتوجيهاتهم بكل دقة، ولا يخرجون عن طوعهم وأمرتهم ، يتغاضون عن الأخطاء والتجازوات التي يرونها أمامهم ، لأنهم يكتمون الأسرار .

المحظيون ينقلون المعلومة أولا بأول ، مطيعون للأوامر، ومنفذون لها بحرفية ، ما عليهم سوى أن يقولوا : سمعا وطاعة .

مقالات ذات صلة

ليس شرطا أن يكون هؤلاء المحظيون على قدر من الذكاء أو الخبرات،فما يميزهم أنهم مطيعون ومنفذون لأوامر من حولوهم من أناس عاديين إلى أصحاب حظوة، بعد أن وجدوا فيهم صفات تصلح أن تكون عينا وخادما لمصالحهم.

ليس بالضرورة أن يكون المحظيون غير وطنيين أو منتمين ، وبذات الوقت لا يعني أنهم وطنيون ومنتمون ، شريطة أن لا تتعارض مبادئ الوطنية والانتماء لديهم مع تلك الأوامر التي يتلقونها .

نعم ، بكل بساطة ، إذا كنت تبحث عن أبسط الطرق للوصول الى ما تصبو إليه من مناصب وأعطيات، ما عليك إلا أن تجد الجماعة ، المنتشرة بكثرة في مؤسساتنا ودوائرنا ، والانضمام اليها لتكون العين التي تغض البصر عن الأخطاء، والفم الذي لا يعرف إلا المديح ، والأذن التي لا تسمع إلا ما يطلب منها من أوامر لتنفيذها ، لتضمن أن تتحق أحلام المسؤول ، مراعين ما يتطلع إليه ، و”ينغنغونه ” ، مقابل أن يكون المطيع لهم .

المحظيون أو ” المؤلفة قلوبهم “، كما يحب أن يطلق عليهم من ألفوا قلوبهم لصالحهم ، يقدمون الولاء والطاعة من خلال تنفيذ الأوامر التي يتلقونها من أوليائهم، ليس فقط سعيا في الحصول على رعاية مصالحهم وجنى المكتسبات، التي تحقق لهم أهدافهم وتطلعاتهم التي يسعون الى تحقيقها، بعيدا عن الاحقية أو انتظار الحصول عليها ، إنما الأهم أن ما يقدمونه من خدمات تكون مقابل ضمان وتأمين الحماية لأنفسهم ، لكن السؤال الحماية من مَن ؟ ..
إلا أن الحقيقة التي لا يغفلها أحد ، أنه بفعل هؤلاء المحظيين تحول الكثيرون من أصحاب الكفاءات والخبرات إلى ضحايا، بعد أن تم سلب حقوقهم وفرصهم ، وتم تحويلهم بعد حرمانهم من امتيازاتهم وحقوقهم إلى مهمشين .

لقد حظي المحظيون بحظوظ ليست من حقهم ،فمن يعيد الحظوظ إلى أهلها؟!

Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى