عندما تضيق العبارة / يوسف غيشان

عندما تضيق العبارة

-بعد كل هبّة، ولو كانت مجرد هبة هواء!
-بعد كل اعتصام للمطالبة بالحقوق!
-بعد كل تذمر!
-بعد كل احتجاج!
-بعد اي ردة فعل شعبية، مهما كان حجمها وطبيعتها، نجد من يشككك في وطنيتها ومن يقول او يكتب : (لمصلحة من؟).
الغريب في هذه العبارة أيضا، انها معتمدة من قبل الجميع: الحكومة والمعارضة، اليسار واليمين، وما بينهما من أشكال وألوان وأطياف دينية أو علمانية او قومية أوإقليمية. إنها عبارة عابرة للأيدولوجيات ولجميع المواقف السياسية والدينية والقومية.
يختلفون على كل شي تقريبا، حتى على زرقة السماء ولمعان النجوم، لكنهم يتفقون على تخوين الآخر وإتهامة بالعمل ضد مصلحة الوطن والشعب والأمة، أما عن سابق تصميم، أو دون أن يدري انه يخدم الأعداء ..كل هذا لمجرد أن هذا الآخر يختلف معهم في موقف ما أو في تقييم حدث ما.
عندما اقرأ عنوان مقال مزين بهذه العبارة، اعلم انه ينوي تخوين الآخر بغض النظر عمن يكون كاتب المقال او هذا الآخر، لا بل أنه يرفض الحوار ويرفض إمكانية الوصول الى حل أو اقناع .
إنها بكل بساطة نظرة استعلائية تبرئ الذات وتسمو بها الى الأعالي وتحقّر الآخر وترميه الى اسفل سافلين وتقوم بالتحقيق معه من البداية: – لمصلحة من تختلف معي؟
من ليس معي، فهو ضدي ويعمل مع الأعداء، وعلي أن اعرف لمصلحة من هو يعمل كل هذه الاعمال. أو على الأقل أقوم بتحريض الناس عليه من عنوان المقال، ودون الخوض في أية تفاصيل لا داعي لها.
أما أنا فأقول :
لمصلحة من ..نستخدم عبارة «لمصلحة من»؟؟؟؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى