ما إليْ دَخَلْ / كامل نصيرات

ما إليْ دَخَلْ
حينما أصرّ ابني (غاندي) على تكرار جملته الشهيرة (ما إليْ دَخَلْ) وهو يطالبني بإقامة حفل كبير له بمناسبة عيد ميلاده وكان من طلباته : بناء خيام في الشارع و كنافة و تورتة و بيبسي ..كان حينها جاداً غير مازح ..! كان كلّ ما يريده مني أن أقول له : ماشي ولا يهمك ؛ طلباتك أوامر يا بابا ..! كان يعلّي (الدوز) لكي يحظى بما يستطيع ..! وكنتُ أفكّر في أمر واحد ؛ من أين جاءت لطفلٍ في السابعة من عمره هذه الفكرة (الخازوقية) والتي تطيح بأكبر عائلة من عائلات الفقراء و المهمّشين أمثالي ..؟! من الذي غسل دماغ الولد ..؟ من الذي برمجه لكي يضع بدل الفاصلة و النقطة و علامة السؤال ؛ عبارة : ما إليْ دَخَلْ..؟!
كلّ أطفالنا لا يدركون فعلياً كيف (يلتعن أبو فاطس إبّهاتهم و إمهاتهم) كي يوفروا لهم خبز اليوم و مصروف مدرستهم اليومي ؛ و شيبسهم و أندوميهم ..؟ وفعلا انهم مقتنعون تماماً أنّ ما إلهم دخل ..والدليل أن غالبية أوقاتنا نقضيها في إقناع (قرودنا) بتأجيل وليس إلغاء طلباتهم لحين ميسرة ونحن نعلم علم اليقين أن (ميسرة) لا يأتي وسط هذا الضنك ؛ ولكنه قد يحن عليك ويمرّ من جانبك أو يقف على أعلى عمارة ليمدّ لسانه لك ضاحكاً مستهزئناً من كل وجودك ..!
ألا تشعرون معي ..أن كلّ الحكومات في أوطاننا العربية ؛ هي مثل أطفالنا أيضاً ..رغم أنها تحكم وترسم إلا أنها تطالب شعوبها بكل الحلول ..وأن مشاكل الحكومات الاقتصادية لا حلّ لها إلا جيبة المواطن الذي وضعه (أزفت من الزفت) وأننا كلّما شرحنا للحكومات أن وضعنا صار في غرفة الانعاش تقول لنا : ما إليْ دَخَلْ..! وتمضي في تحصيل ضرائبها اللامحدودة و فرض ما استطاعت من شفّاطات عليك ..؟!.
أطفالنا يقلدون الحكومات ..ومن غسل دماغهم هنّ الحكومات ..والجهتان (ليس لها دخل) ؛ المهم أن تحقق لهما (الدخل) وإنت من يحقق لك (دخلك) ..؟ لا يهم ..لأنك مواطن مكتوب على قفاه : صراف آلي للرايح والجاي بلا بطاقة ..!

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى