صورة تنقذ قرية

مقال الاثنين 2-1-2017
النص الأصلي
صورة تنقذ قرية
ليس أمامك خيار الا أن تحبّه ،فصوته الهادئ يشي ببحر عميق بداخله ،لا يبحث عن نجومية أو أضواء ، ينجز عمله أمام شاشة “كمبيوتره” بصمت وابتسامة، لم أسمعه يوماً يتأفف من عمل أو يتذمّر من سوء حال أو ينمّ على زميل كما يفعل عادة أصحاب العمل المكتبي و الطاولات المتقاربة.. أنا أتكلّم عن الزميل والصديق محمد القرالة الذي أعرفه منذ أن دخلت الرأي في يومي الأول قبل 13 عاماً..أعرفه كما كان دائماً، منحازاً للوجوه المنسية للصورة التي تنطق ألماَ فيبرزها ويختم بها ملحق “أبواب” كإعلان مجاني للفقر وبؤس الفقراء..
هذه المرة ، لم يكتف القرالة بتركيب الصور على الورق ، حمل “كاميرته”، هجر مكتبه ، ونزل الى قرية “بربيطة” في الطفيلة ليركب الصور على الواقع أو بمعنى أدق ليكشف الواقع أمام الصور الصامدة الصامتة ،ليقول للمقسمين على خدمة المواطن عند التكليف ، للمسؤولين المتشدّقين بالانجازات،للمنزعجين من ارتفاع حرارة التدفئة المركزية في مكاتبهم ،هذه الأصابع التي تطل من الأحذية البالية وقد وصلت حدّ التجمّد خير شاهد على قسمكم وحرارة وطنيتكم وانجازاتكم ..للمهتمين أن تظهر ابتساماتهم جميلة أمام فلاشات الكاميرات أثناء إبراز «one shoulder» والــ»off shoulders» ، أطفال البربيطة يكفيهم ضوء شمس الحقيقة لتصوير الــ»one finger» والــ»off fingers» البارزة من أحذيتهم للعالم..

لم نعد بحاجة إلى تفضّلات ولا مخصصات ولا موازنات من الحكومة ولا نحتاج إلى مبادرات رسمية حجم الصرف على اجتماعاتها وتحضيراها ومياوماتها ومخصصاتها تغني مجمّع قرى كامل ..نحتاج الى صورة بعين محمد القرالة ، أو بعين الزميل فارس خليفة الذي يطوف منذ ساعات الفجر على الشوارع والأحياء الفقيرة ليكتشف أصحاب الحاجة ويسلط الضوء عليهم…فصورة واحدة من عين رحيمة مثل عين فارس تحيي إنسانا وصورة واحدة من قلب صادق مثل قلب محمد تنقذ قرية..
**
“بربيطة” يا سادة ليست كل الحكاية ،”بربيطة” بعض الحكاية ، في كل محافظة هناك “بربيطة” تخصّها، هناك فقر مقيم في كل مكان..لا تعلّقوا أمالاً زائفة على من يسكنون القصور حتى يحلّوا مشاكلنا، نحن نستطيع أن نتكافل ونتكاتف ونغني بعضنا بعضاَ عن السؤال ،نحن نستطيع ان نتقاسم “الغطاء” والوسادة و”جالون” الكاز حتى نعيش كرماء وبكرامة…
لا تلتفتوا كثيراً لما سيصدر من الدوار الرابع و”فنغريات العبدلي” وغيرها من مراكز القرار..بادروا انتم..طهّروا أموالكم بزكاة المال ،التفوا حول الفقير والتفتوا إليه…فما شاهدناه من نخوة عظيمة وتكافل حقيقي أثناء تقديم مساعدات من كل الأصناف الى قرية في الطفيلة يمكن ان يطبق في كل مكان؛ في عجلون والسلط وجرش والكرك ومعان واربد والرمثا والبقعة…دعونا لا ننتظر صورة على “الفيس” حتى تستيقظ مشاعرنا..الأولى الا نراها أصلاً لو قمنا بواجبنا وخرجنا من أنانيتنا وساعدنا بعضنا بعضاَ..فلنكن نحن النواة..
هذا البلد بلد خير، وأقسم بالله أن واحدة من أسباب صمودنا وأمننا ، أننا بلد خير،ولأن شعبنا طيب ومعطاء ، كلما نشرنا عن حالة انسانية بحاجة الى مساعدة على صفحاتنا الا وحلّت قضيتها خلال ساعات،بعد ان يتهافت المتبرعون من كل مكان من الداخل ومن مغتربينا في الخليج وامريكا وكندا..والله أننا نعيش ببركة هذا البلد ، وببركة دعاء الأمهات، ونعيش ببركة دعاء المحتاجين الذين تسدّ حاجاتهم بطيب خاطر وصمت…
اغسلوا أيديكم من حبر الوعود المكتوبة ،من كل الحلول الرسمية، و دعونا نملك نحن زمام المبادرة..فلا يشعرن بالجوع الا من ذاق طعمه يوماً…

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

  1. انا اقترح ان يتم توكيل الشعب الاردني بوزارة التنمية الاجتماعية عندها سيكون للفقر في وطني شأن آخر

  2. دعنا لا ننسى أن هناك تواطؤ وأنانية وتقاعس صحفي وصل حد المرتزقة في أداء الواجب.. شكرا محمد القرالة , فوزي خليفة, وأحمد الحسن.. ولمن شابه فعلهم..!

  3. مربط الفرس,
    في كل انحاء الاردن هناك عشرات القرى مثل البربيطه لكن عزة انفس الاردنيين تأبى الذل.
    شكرا لكل الاردنيين الشرفاء.
    الخزي والعار على كل المقصرين.
    # ….# مسؤولين.

  4. كاميرا فارس و القرالة و قلم الزعبي هو النائب الحقيقي للشعب ….. الممثل الحقيقي للشعب لا الممثل عليهم .. يدفعون من جيوبهم لا يملؤون كروشهم هدفهم ارضاء الله و الضمير فقط !!! كاميراتكم و اقلامكم بالمجلس و نوابه و الحكومة وو زراءها

  5. ارض الاكناف ارض الحشد والرباط لاتتهاونوا بحماية تربها وفقراء اهلها لانها من احب ارض الله على الله وفقرائها عيال الله
    انتم فرسان الخير اهل النخوه مهنتكم خدمة الحق والحق اسم من اسماء رب كل شيء
    لكم التحيه وللاردن بشعبه الوفي كل الامل

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى