شو أخبار الدنيا / د.رياض ياسين

شو أخبار الدنيا

مرحبا “شو اخبار الدنيا”، “شو آخر الأخبار”، عبارات نرددها بدلا من التحيات المعتادة للسؤال عن حالنا،وكأن الواحد منا فقط بات يبحلق في صندوق الدنيا لينتظر من يسأله عن حال الدنيا وغرائبها ومصائبها.

ان نتجاوز ذاتنا للسؤال عن احوال العالم معناه الاهتمام بالعام اكثر من الخاص، ومردّ ذلك الى حالة القلق والفوضى التي ارتبك فيها العالم الذي لايتوقف عن تمرير الأخبار في شتى الحقوق والانشطة سواء كانت سيئة او جميلة مع طغيان السيء منها،حيث درج المثل السائر على ان”الاخبار السيئة سريعة الانتشار” وهذا هو العنوان الأكبر لقلقنا،فما ننتظره في هذه الأيام من الاخبار لحوادث كريهة بات ملازما لحالتنا اليومية والمعيشية أكثر من السؤال عن صحة كبير في عائلة او مريض او مظلوم هنا وهناك.

من يريد ان يزيد من قلقه عليه ان يظل مطلعا على نوافذ المواقع الالكترونية الإخبارية التي باتت ترصد لحظة بلحظة مايجري في العالم على قاعدة التحديث المستمر للأخبار وتغطية الاحداث بصورة مباشرة في الكثير من الأحيان. وقد باتت المواقع الالكترونية تزاحم الفضائيات والتلفزيونات وتتفوق عليها في كثير من الاحيان، الامر الذي يدفع بعض الدول احيانا ان تتوخى الحذر وتوجه رسائل للمواقع الالكترونية بضرورة التأني قبل نشر الاخبار،وأشير هنا باهتمام الى حادثة إطلاق النار في سوق بميونخ بالمانيا مؤخرا، حيث صدرت تمنيات عن الحكومة الالمانية ان لاتقوم المواقع الاخبارية بنشر معلومات من شأنها توتير الرأي العام او التاثير على صورة المانيا والامن الداخلي فيها.
وقد يقول قائل إن كثرة الامراض خاصة النوبات القلبية والجلطات بانواعها سببها متابعة وملاحقة الاخبار بصورة مبالغ فيها احيانا بما ينعكس سلبا على نشاط الشخص او انتاجه او نفسيته او سلوكياته داخل مجتمعه واسرته.ومن هنا يجدر التذكير بأن الإعلام بات يكتسب مع العولمة سمة تفوق سمات الحقول الأخرى،فهو الأكثر تاثيرا على المجتمعات والافراد، وقد دفع العالم مع الانفتاح الهائل ضريبة أن يكون معنيا ببعضه البعض،فما يحدث في البرازيل بات مقلقا للكوريين، ومايحدث في الصين بات مقلقا للمكسيكيين، مستحضرين العبارة الساخرة لحسني البورزان في مسلسل “صح النوم ” إذا اردت ان تعرف ماذا يحدث في البرازيل عليك ان تعرف ماذا يحدث في إيطاليا”.فالعالم بات حارة واحدة له بوابة واحدة وبيوته متلاصقة ولصوصه وارهابيوه متشابهون.
ومن يسألني شو اخر اخبار الدنيا سأرد الاخبار عندك، او سأقترح عليه أن يتمثل الأية القرآنية:” يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تُبد لكم تسؤكم “. يعني لاتسألني فلن تطيق جوابا.
يلعب الإعلام أدوارا هامة وعلى أكثر من صعيد،فالاعلام يحرك الرأي العام نتيجة الإلحاح على تناول قضايا مختلفة بشكل مستمر، ويسهم في زيادة الوعي بما ينعكس على تحقيق الشراكة بين الجمهور والمؤسسات ليصب في النهاية في مصلحة الدول والشعوب،وأكثر من ذلك فهو يسهم إسهاماً ملفتا في مساعدة صانع القرار للتوجه نحو افاق تخدم الصالح العام .
لقد آن الاوان ان يدرك الجميع بأن الإعلام لم يعد أداة مجردة لنقل المعلومات والبيانات، وإنما بات شريكا أساسيا في التنمية،ومن هنا أهمية أن تتواصل الهيئات المختلفة سواء كانت رسمية أو أهلية مع أجهزة الاعلام المختلفة ودعم هذا التوجه بخلق شراكات حقيقية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى