رعاية ذوي الإعاقة / د.محمد الشتيات

رعاية ذوي الإعاقة
البعض يظهر التعاطف مع ذوي الإعاقات حركية كانت أم بصرية ويكاد يدمي عينيك حتى تظن أنه هو صاحب المعاناة وما يلبث الأمر أن ينكشف على حقيقة أشد وطأة من الواقع، فقد أصبح مجال رعاية ذوي الإعاقة مصدر تكسب وإثراء واستغلال بل يصل الأمر إلى أبعد من ذلك، ففضلا عن دكاكين ضعاف النفوس من أصحاب إعاقة الضمير والتي تتجسد بما يعرف بجمعيات رعاية ذوي الإعاقة هناك ما يعرف بمؤسسات الرعاية ومكاتب التنمية التي تنظم أعمالها قوانين من الدرجة الثانية والتي غالبا ما تبقى حبرا على ورق.
درسنا في كتب السياسة أن أجهزة الدولة إنما سخرت لخدمة المواطن فما بالك إن كان هذا المواطن صاحب معاناة تفوق معاناة أزف العيش التي يعاني منها جل أهل البلد لتتعداها إلى إعاقة حركية أو بصرية أو غيرها، وأن القوانين شرعت لتكتسب صفة الإلزام وإذ بالواقع يكذب كل ادعاءاتنا ويجعلنا نعيش فصاما حقيقيا يصعب وصفه بين نظرية جميلة وواقع أكثر من صعب، يطلبون منا في المؤتمرات أن نركز على ثقافة الدمج والابتعاد عن ثقافة الإشفاق وإعمال الدعم التماثلي لإقناع حديثي الإصابة بتجاوز أبعادها النفسية والتعامل مع الواقع الجديد بإيجابية وغرس الطموح فيهم بدل من الإحباط وعندما ننجح في ذلك وتثمر الجهود ويحصل ذوي التحديات أو ذوي الهمم كما يروق لمثقفي القشور أن يطلقوا على تلك الفئة.
تأتي ساعة الاستفاقة على الواقع ليسألني أحدهم بعدما أشبعتهم كلاما نظريا وبعد ما المحصلة ..؟ المحصلة يا سيدي أنك بعد الدكتوراه تعود متسولا تعاني من ازدراء موظف أتى به الفساد ليكون مسؤولا في جهة يفترض بها إنفاذ القانون الذي يحصل حقك ويحفظ كرامتك ..وإذ به يستكثر عليك وظيفة معلم ويقول أفضل لك ما انت عليه، التعيين في الجامعات يحتاج إلى معجزة.. عودا على بدء أعترف وأعتذر من الجميع من الذين كذبوا علينا سابقا وممن كذبنا عليهم لاحقا لقد كنا فعلا نكذب عليكم ونستعمل الكذب وسيلة لحثكم على النهوض من جديد حاولنا أن نقنعكم أن ثمة نورا في نهاية النفق مع أننا لا زلنا من قبلكم نقبع في غياهب الواقع المظلم، كنا نستفز طمواحتكم التي كادت تندثر لتنبت من جديد لكن طموحاتنا وصلت إلى أبعد ما يمكن ولم تثمر ومع ذلك نكذب عليكم ونعدكم أن طموحاتكم ستؤتي أكلها .. تعبنا لأجل ثقافة الدمج وعندما اقتنعنا بها وأقنعناكم رفض المجتمع كله الفكرة من أصلها، رفضتها الجامعات التي تدعي أنها صديقة لذوي الإعاقة وتحصل على تصنيفات دولية بهذا الشأن، رفضها دعي فاشل أتت به الواسطة ليصبح رئيسا لقسم الإمتحانات في مديرية التربية حين ادعى أن من أهم أولويات مراقب الإمتحانات إجادة الركض ولم يطلع على سيرتك الذاتية، رفضها المجتمع قبلهم حين استغلك نصبا واحتيالا فرفض قبول طلب زواجك من ابنته أو شقيقته وحين بت فريسة لمن يتاجر بعرضه على حسابك لتصبح مادة استثمار جيدة العائد.. لم نكذب عليكم.. كنا نتخيل وشط بنا الخيال فتصورناك أستاذا جامعيا ومعلما ومحام ونائباذ تصورناك إنسانا بكل ما يترتب على تلك الكلمة، ليكذبنا المتكسبون والمبادرون الذين يتاجرون بنا وبكم ولا يتكلفون حتى عناء دعوتكم لمبادراتهم الورقية، هم من جعلوكم تتسولون كرسيا متحركا من مدعي الإحسان لينتهي بكم الأمر بعد التوسل والتسول لدفع ثمنه بينما يغرقونكم منا وأذى، تأمينك الصحي لا يغطي أبسط احتياجاتك التي لا يعرف عنها أحد تلك التي تمكنك من مجرد الاستمرار على قيد الأمل … يطول الكلام وما أن يبدأ الحديث حتى يسهب .. لكن تأكدوا أنا بالرغم من زيف ادعاءاتنا لم نكذب بل أردنا قول الحق وإن أحبطنا معاقوا الضمير .. دمتم بأمل
د.محمد الشتيات دكتوراه الفقه وأصوله .

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى