ساعة رايحة ….وساعة جايّة / يوسف غيشان

ساعة رايحة ….وساعة جايّة

تم تحديد السابع والعشرين من هذا الشهر موعدا لتأخير الساعة، لغايات الالتزام بمتطلبات التوقيت الشتوي، وهكذا ستفعل الدول العربية الأخرى، وسوف نقوم بتقديم الساعة بعد أشهر التزاما بالتوقيت الصيفي القادم، فمن أول من ناضل من أجل اقرار تغيير التوقيت في العالم؟.
المرحوم ويليت، بريطاني عاش عنيدا ومات عنيدا، ولم يحصل على مراده. عاش هذا الرجل في ضاحية تشيزلهرست جنوب غرب لندن، وكان عامل بناء، متوسط الدخل، واسمه الكامل ويليام ويليت، ولولا جهد هذا الرجل، لما كانت بريطانيا، بل ومعظم بلدان العالم، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، طبّقت نظام التوقيت الصيفي بوقت مبكر.
قاتل الرجل من اجل تطبيق التوقيت الصيفي في بريطانيا، حينما شاهد، وهو يتجول صباحا في الربيع، ان الشبابيك ما تزال مغلقة، والناس نيام، بينما الشمس ساطعة في السماء.
عرض الرجل فكرته على البرلمان البريطاني عدة مرات من عام 1905 حتى 1915، ولم تفز الفكرة بموافقة المجلس، وقد توفي الرجل ولم يفرح بفكرته في تقدير الساعة في الربيع وتأخيرها في الربيع للإستفادة من ساعات النهار.
كان الألمان وخلال الحرب العالمية الأولى- تحديدا في 30 نيسان عام 1916- هم أول من طبّق نظام التوقيت الصيفي، ثم تبعتهم بريطانيا، بعيد تعرضها لأزمة في توفير الفحم والوقود للمجهود الحربي، ثم تبعتها دول العالم الأخرى، الى أن وصلت الينا على طبق من الفحم.
وصلتنا الفكرة، وطبقناها، تتويجا لمقولة ابن خلدون في تبعية الأمم المغلوبة للأمم الغالبة، مع اننا لم نقصد التوفير اطلاقا، ولم نقصد كسب الوقت على الإطلاق، فالوقت لدينا ليس له ايه قيمة تذكر.
نحن شعوب تعيش على (السبهللة)…. تعيش على هامش كل شئ، وتحديد الوقت، الذي يسير عندنا بشكل دائري يكرر نفسه ملايين المرات، ونكرر فيه الأخطاء والخطايا ملايين المرات، لكأننا نشارك في فيلم نكرر فيه أخطاء الممثلين يوميا وباستمرار.
من يدخل أي دائرة حكومية عربية – عدا بعض الاستثناءات النادرة- يشهد اننا نقتل الوقت ونستمتع بقتله بكل سادية وماشوسية، الى ان يحين موعد انتهاء الدوام الرسمي، دون ان ننجز شيئا يذكر، ثم نعود في اليوم التالي، لنكرر هدر الوقت بذات الطريقة.
ثم نتحمس من اجل اقرار التوقيت الصيفي بعد الإنقلاب الربيعي، والتوقيت الشتوي، بعد الإنقلاب الخريفي، لتكون قرارات حكومية لا خلاف عليها،تزغرد لها الفضائيات والإذاعات الحكومية، لكأنها انجازات وطنية كبيرة وعملاقة، ولا تستغلها الأحزاب المعارضة لنقد الحكومات.
بصراحة، نحن كائنات تعيش بالصدفة وتموت بالصدفة، دون احترام للوقت ولا للزمن، منذ صرخة الولادة الأولى، حتى زج القطنة في المؤخرة عند الوفاة…. زمن دائري يكرر نفسه في هدر الوقت. وما تغيير التوقيت لدينا سوى نشاط حكومي يجاري حكومات العالم، دون شبهة شرعية، حتى الآن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى