ما سر التصعيد التركي فجأة ضد “الأسد” .. صحيفة نيويورك تايمز تجيب

سواليف

جاءت تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الأربعاء 27 ديسمبر/كانون الأول 2017، التي اتَّهم فيها الرئيس السوري بشار الأسد بكونه إرهابياً قاتلاً لا مكان له في سوريا في مرحلة ما بعد الحرب، جاءت بعد فترة من الهدوء في التصريحات، انتهجها المسؤولون الأتراك تجاه نظام الأسد، ما لفت انتباه المراقبين.

صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، رأت أن تصريح الرئيس التركي يهدف إلى توسيع نفوذه في المنطقة، في ظل تراجع حدة الحرب، خاصة أنه يأتي بعد أن بدا الأسد أكثر ثقةً في الانتصار في الحرب والبقاء في سدة الحكم، في المستقبل القريب، وجاء التصريح أيضاً على خلفية المناورات التي تجريها بعض القوى – وخاصة روسيا وإيران أكبر حليفتين للأسد- من أجل التأثير على نتيجة النزاع المحتدم، الذي أعاد صياغة السياسة في منطقة الشرق الأوسط.

تغيّر رأي الزعيم التركي، الذي أشار خلال الشهور الأخيرة إلى أن رغبته في قبول استمرار بقاء الأسد، كانت بمثابة تذكرة بالعداوة بين الطرفين، حيث أبدى الأسد تبجحاً واختيالاً بمكاسبه العسكرية التي حظي بها على مدار العام الماضي، من خلال المساعدات الروسية، بحسب الصحيفة الأميركية.

وفي إشارة جديدة إلى الاعتداد بالنفس، سمح الأسد، بحسب وكالة رويترز، بالإخلاء الطبي للمدنيين، يوم الأربعاء، من آخر معاقل المعارضة بالبلاد، بالقرب من دمشق.

التصعيد التركي يهدف أيضاً إلى تذكير روسيا بأنها لا تستطع أن تقرر مستقبل سوريا بمفردها، وخاصة القضايا المتعلقة بالجماعات الكردية في سوريا، التي تُناصبها تركيا العداء، فقد ذكرت روسيا يوم الثلاثاء أنه سيتم السماح لممثلي المنطقة الكردية التي تتمتع بحكم شبه ذاتي شمال شرقي سوريا بالمشاركة في المحادثات التي تستضيفها روسيا خلال الشهر القادم، وهو أمر تعارضه تركيا.

وذكر أردوغان خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس التونسي قائد السبسي في تونس “أؤكد بوضوح أن الأسد إرهابي يمارس إرهاب الدولة. فهل يرغب الشعب السوري في أن يظل شخصٌ مثله في سدة الحكم؟”

ونقلت وكالات الأنباء التركية عن أردوغان قوله “من المستحيل التقدم للأمام مع وجود الأسد في سوريا. لماذا؟ كيف يمكن أن نتحدث عن مستقبل سوريا في وجود رئيس قتل ما يقرب من مليون مواطن سوري؟”

تفاوض لا شقاق مع روسيا

وتتابع الصحيفة التوقف عند تصريحات الرئيس التركي، وترى أنها تستهدف التفاوض وليس الشقاق مع روسيا، التي تتمتع بعلاقة طيبة مع تركيا، أحد أعضاء حلف الناتو. وفي غضون ذلك، كانت حكومة أردوغان في أنقرة تبرم اتفاقاً قيمته 2.5 مليار دولار لشراء أنظمة الصواريخ الروسية S-400.

من المحتمل أن يكون الروس قد رحّبوا بتصريحات أردوغان الفظّة تجاه الأسد، لأنهم يريدون أن يلعبوا دوراً قيادياً في أي اتفاق سلام. ويقصد بذلك فرض المفاوضات على شخص الأسد العنيد.

تدعم روسيا وإيران الأسد، بينما تدعم تركيا بعض جماعات المعارضة السورية. ورغم أوجه الخلاف فيما بينها، إلا أن البلدان الثلاثة تتعاون على المستوى الدبلوماسي من أجل إنهاء الحرب.

وتجري الدول الثلاث مناورات من أجل زيادة نفوذها في سوريا بعد انتهاء النزاع، رغم أن جهودها لوضع حد للنزاع لا تكاد تكون ناجحةً.

وقد تضمنت إحدى القضايا الرئيسية بين روسيا وتركيا وضع الأكراد في سوريا. وقد أوضح أردوغان مؤخراً أن منع الأكراد الاحتفاظ بمنطقة تتمتع بحكم شبه ذاتي على الحدود مع تركيا قد أصبح ذا أولوية تفوق الإطاحة بالأسد، وفقاً لما تذكره الصحيفة الأميركية.

ومع ذلك، تسعى موسكو إلى إدراج الجماعات الكردية في محادثات السلام. فقد نجحت بصورة أكبر في إدراجها ضمن المحادثات التي تدعمها الأمم المتحدة في جنيف، رغم أن ذلك لم يكن من خلال الوفد الكردي المستقل الذي كان يريده الأكراد، وقد دعت حالياً العديد من ممثلي الأكراد إلى مدينة سوتشي جنوبي روسيا، حيث سوف تنعقد المحادثات التي تطلق عليها موسكو “الحوار الوطني السوري” في أواخر شهر يناير/كانون الثاني.

وعلى النقيض من ذلك، كانت تركيا تأمل في أن تستغل روسيا وإيران نفوذهما في استبعاد الأكراد من تلك المحادثات.

وتحدث أندرو تابلر، الخبير السوري بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، عن جهود تركيا بشأن الأكراد قائلاً “لم تنجح بصورة جيدة”. وقال إن الإصرار على تهميش القوى الكردية في سوريا “يحتل بؤرة الاهتمام في تركيا”.

وقد أخفقت المحاولة السابقة لانعقاد المحادثات في سوتشي، خلال نوفمبر/تشرين الثاني، حينما انسحبت تركيا جرّاء الاعتراض على مشاركة الأكراد.

وتجاهل خصوم الأسد في سوريا الاجتماع المزمع انعقاده، في يناير/كانون الثاني، وأعلنت 40 جماعة من جماعات المعارضة، يوم الثلاثاء، عدم مشاركتها بالاجتماع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى