ما قنع به الآباء لا يرضى به الأبناء / أحمد المثاني

ما قنع به الآباء
لا يرضى به الأبناء

.. أتى على الآباء حين من الدهر ، كان طابع عيشهم البساطة و القناعة .. في مسكن أو ملبس أو مطعم .. و كانوا مع
ذلك شاكرين ذاكرين ..
فكانت البيوت تمتاز بالبساطة و عدم المبالغة في مساحتها أو زخرفتها ، فهي
تسدّ حاجة الأسرة ، و تتيح للعائلة أن
تتواصل و تجتمع في غرفة المعيشة ..
.. أنظر اليوم ، فأرى الأبناء ، و قد أنعم
الله عليهم يبتنون قصوراً ، و يبالغون
في أعداد الغرف و الصالات ، مما يجعل
سيدة البيت تعجز عن العناية ببيتها ،
و يستدعي استحضار شغّالة .. تقوم
على أمور النظافة و الطبخ و العناية
بالأطفال .. و هنا نجد انعكاس أسلوب
الحياة و التربية على أهل المنزل ..
فأصبح لكل فرد غرفته .. و انعدم
التواصل و اجتماع أفراد الأسرة ، كما
أصبح لكل فرد استقلاله ، هواياته
و أنشطته .. فغاب التوجيه ، و برزت
نزعة فردية .. تغذيها مظاهر النعمة
و الدلال .. ففقدت هذه البيوت حميمية
التواصل بين الآباء و الأبناء ..
صحيح أن ارتفاع مستوى المعيشة قد
أتاح لنا متّسعاً من العيش ، في المسكن
و ما يضمّ من الأثاث .. و التجهيزات ،
و لكن نجد مبالغة في الانفاق و تشييد
البيوت البالغة حدّ القصور .. و بما يصرف
عليها من زينة و ديكورات .. يصل إلى
حدّ المباهاة ..
أنا لا أدعو أن نعيش كما كان آباؤنا ..
و لكن هي دعوة للاعتدال كأسلوب
عيش .. في ما ننفقه رئاء الناس ..
و كثيرا ما وقعنا في ضائقة الاستدانة
لنبني بيوتاً عاليات .. و نخسر سعادتنا
و بساطة عيشنا .. فالبيوت تبنى بالحب
و ليس بمطاولة البنيان ..
فما قنع به الآباء .. أصبح لا يرضى به
الأبناء…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى