خـــطـاب الكراهـــيـــة و كــراهـــيـــة الخــطـــاب / د. نـاصـر نـايــف الــبـزور

خـــطـاب الكراهـــيـــة و كــراهـــيـــة الخــطـــاب

كم أعجبني تصريح دولة رئيس الوزراء بالإشارة إلى ما جرى من اعتقالات في الآونة الأخيرة بحق بعض ناشطي الفكر و السياسة، حيثُ أكَّدَ الملقي أنَّ أمرهم موكول إلى القضاء الذي نثق به جميعاً! و أشار الرئيس إلى أنَّ هناك فرقاً كبيراً بين “حريّة التعبير” و “خطاب الكراهية”!

و نحنُ لا نختلف البتَّة مع دولته حول هذا المنطق؛ فقضّنا و قضيضنا ضد خطاب الكراهية جملةً و تفصيلا! و لكن يجب علينا أن نتّفق على مفهوم “خطاب الكراهية” بشكل دقيق حتّى لا نقع في شَرَك انعدام الرؤية السياسية و الفكرية و بالتالي نكون ضحيّة ما يدعوه البعض “حوار الطرشان”! و هذه هي المتاهة نفسها التي نعاني منها بسبب غياب تحديد مفهوم الارهاب الذي نتج عنه ضياع الأوطان من تشريدٍ و قتلٍ و هوان!

فهل نحن حقاً ضد خـــطـاب الكراهـــيـــة أم ضد كــراهـــيـــة الخــطـــاب! فالبـقـرُ قد تشابه على بعض الناس! فخـــطـاب الكراهـــيـــة المنقول من الإنجليزية عن التعبير “Hate Speech” ينطوي بشكل دقيق و واضح على تجريم كل كلام مِن شأنه التحريض ضد شخص لذاته أو مجموعة أو طائفة لذاتها بسبب دوافع طائفية، أو جهوية، أو عرقية أو دينية؛ مما يُسهِمُ في إُضعاف النسيج الاجتماعي و المجتمعي و غياب السلم الأهلي!

مقالات ذات صلة

أمّا كــراهـــيـــة الخــطـــاب فهي محاولة شخص أو جهة مُعَيَّنة تكميم أفواه الآخرين لأنّ خطابهم الديني أو الفكري لا يَروق أو لا يتماشى مع رغبات و مصالح ذلك الشخص و تلك الجهة؛ و هذا نوعٌ من الاستبداد و التغلُّب و الاستقواء؛ و هو أخطر على السلم الاجتماعي و الوحدة الوطنية من خـــطـاب الكراهـــيـــة؛ فخـــطـاب الكراهـــيـــة تحريض على الأفعال أمّا كــراهـــيـــة الخــطـــاب فهي تجسيدٌ للفعل ذاته و كلاهما يؤدِّي إلى “خراب البيوت” و الأوطان!

فعندما ينتقد شخص أداء و زير أو وزارة فهذا ليس خـــطـاب كراهـــيـــة!

و عندما يكتب شخص عن فساد أو شبهة فساد فهذا ليس خـــطـاب كراهـــيـــة!

و عندما يحتج أشخاص عبر الفيسبوك ضد ممارسات حكومة فهذا ليس خـــطـاب كراهـــيـــة!

أمّا عندما تقوم جهة بقتل حريّة التعبير التي كفلتها المواثيق الدولية فهذا تجسيد لـكـراهـــيـــة الخــطـــاب و فعل الكراهـية!

و عندما تستقوي حكومة على شعبها فهذا تكريس لـكـراهـــيـــة الخــطـــاب و فعل الكراهـية!

و عندما لا تراعي حكومة حُرمة جيوب الفقراء فهذا تعزيز لـكـراهـــيـــة الخــطـــاب و فعل الكراهـية!

يا دولة الرئيس أيُّهما أكثرُ ضرراً أن نقول لشخص “نحن نكرهك و نتمنَّى أن تموت” أم أن نقوم بقتله رميا بالرصاص أو حتّى دفناً بالورود!!! الأوّل أمرٌ سَيّئ لكنّه قد يبقى ضمن دائرة “الجعجعة”؛ أمّا الثاني فهو ذميم و هو جريمة قتل سواء كان رقيقاً أو عنيفاً فالنتيجة واحدة!!!

هذا خطاب “مَـحَـبَّة” من القلب إلى القلب، الهدف منه الحفاظ على وطننا إنساناً و تراباً؛ حاضراً و مُستقبلاً!!! والله أعلم و أحكَم!!!

اظهر المزيد

‫2 تعليقات

  1. بوركت يا دكتور ناصر على تفنيدك للموضوع لأنك شرحت الموضوع من جميع الزوايا ولكن هل تعتقد انه سوف يفهم كلامك؟ تأكد انه لن يفهمه لانه ببساطه لا يريد ان يفهمه. سلمت وسلم قلمك الحر وحفظ الله الاردن وشعب الاردن

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى