حلب وسدنة حرب الإرهاب / حسن أبو هنية

حلب وسدنة حرب الإرهاب

حلب كالموصل مدينة سنية مختطفة من الإرهابيين السنة تنتظر خلاصها من سدنة مكافحي الإرهاب على اختلاف ألسنتهم وألوانهم وإيديولوجياتهم، حيث ينحصر الجدل بين سدنة حرب الإرهاب على تعريفات الإرهاب وتحديد هوية الإرهابي وآليات فرز الإرهابيين؛ لكنهم جميعا متفقون على أن السني إرهابي بالقوة ومختلفون على تحققه بالفعل. إذ يمكن القول أن سنة حلب كسنة الموصل متلبسون بهويات إرهابوية ولا سبيل للانفكاك عن هوياتهم الإرهابية المفترضة إلا بالخضوع والامتثال والإقرار أن حلب تحت الطلب.

في سياق عقيدة الإرهاب السني بات الأسد الإبن شريكا لسدنة حرب الإرهاب بل مثالا يحتذى على الصعيد الدولي والإقليمي في مكافحة الإرهاب، فقد أدرك كأسلافه بحسه الإرهابوي المبكر عقيدة الإرهاب السني التي أصبحت مسلمة راسخة حيث صنفت جماعة الإخوان المسلمين في سورية الأسد الأب كحركة إرهابية وهو ذات التصنيف الذي سوف تقتدي بهداه أنظمة دكتاتورية إقليمية كانت رافضة للتصنيف والتوصيف وكانت تجادل وتدافع وتحتضن الجماعة وذات الخلاصة التي توصل لها الروس لاحقا وهي في طريقها لتغدو مسلمة دولية عقب صعود اليمين.

هكذا فإن بشّار الأسد بات أحد أنبياء مكافحة الإرهاب عندما أصر منذ بداية الثورة السورية على أنه يحارب “الإرهاب”، فهذا “الحكيم!” لم تخدعه تعدد الرايات والشعارات والجماعات فجميعهم “إرهابيون” ولا مجال للحوار مع “القتلة والإرهابيين”، فإذا كانت جماعة الإخوان أرهابية والقاعدة إرهابية فما بينهما إرهابي دون شك وتلك “حكمة” إرهابوية أدركها مبكرا الرئيس الروسي فلادميير بوتين وهي “الحكمة” الضالة التي يتبعها الرئيس الأميركيّ القادم دونالد ترامب والرئيس الفرنسيّ المنتظر فرانسوا فيّون.

على وقع حرب الإرهاب فإن توصل المعارضة المسلحة المتمركزة في أحياء حلب الشرقية المحاصرة إلى اتفاق يقضي باندماجها الكامل تحت مسمى “جيش حلب” لن يؤدي إلى تغيّر نظرة محاربي الإرهاب. فالمكون الجديد الذي أعلن عنه في 1 كانون أول/ ديسمبر 2016 بقيادة أبو عبدالرحمن نور القائد العسكري في “الجبهة الشامية” كقائد عام وأبو بشير معارة القائد العسكري في “حركة نور الدين الزنكي” كقائد عسكري لا يعدو عن كونه محاولة يائسة لإعادة التأهيل والاعتراف، فالجيش الافتراضي الجديد الذي يضم أكثر من ثمانية آلاف مقاتل في أحياء حلب الشرقية ويتشكل من فصائل مسلحة عديدة أبرزها: “حركة أحرار الشام الإسلامية” و”حركة نور الدين الزنكي” و”الجبهة الشامية” و”جيش المجاهدين” و”تجمع فاستقم كما أمرت” و”كتائب أبو عمارة” و”جبهة فتح الشام” و”الفوج الأول” و”فرقة الصفوة الإسلامية” وغيرها من الفصائل تتوافر على ديناميات انقسامية وولاءات إقليمية ودولية وانتماءات مناطقية تجعلها غير فاعلة في ظل تعطل الجبهات وكثرة الخلافات مقابل قوات كبيرة منظمة ومدعومة من مليشيات عديدة مسندة إيرانيا وروسيا.

ما يحدث في حلب هو نتاج لمسار دولي عقيم في لعبة حرب الإرهاب ففي سياق البحث عن تفاهم مشترك بين أمريكا وروسيا شكلت موضوعة الإرهاب وتعريف الحركات والجماعات الإرهابية أحد نقاط الخلاف النظري المفيد ورغم أن الاتفاق توصل إلى التركيز على التصدي للحركات الموسومة بالإرهاب بحسب تصنيفات الأمم المتحدة وهي تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة إلا أن الخلافات على الصعيد العملي ضيقة، فقد ركزت استراتيجية الولايات المتحدة على القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية وخصصت مواردها العسكرية والسياسية والمالية على استقطاب قوى تعتبرها معتدلة لاستدخالها في الحرب ضد داعش أما روسيا فقد تبنت استراتيجية تقوم على حماية المنطقة العلوية الساحلية وتعزيز موقع الأسد ودحر قوات المعارضة المسلحة عن المدن الكبرى وقطع خطوط إمدادها من الحدود التركية وتتعامل مع كافة الفصائل باعتبارها إرهابية.

إذا كانت الخلافات الأمريكية الروسية بناءة في سياسة حرب الإرهاب فإن خلافات المعارضة السورية مدمرة فهي تتموضع داخل منظورات الفلسفة الإرهابوية السنية وتفشل دوما في البرهنة والحجاج على اعتدالها ولا يفيدها التبرؤ من الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة، وتخضع لاشتراطات لا تساهم في إعادة تأهيلها وتجاهلت مسألة الاستدارة التركية نحو روسيا، ولم تدرك أن تركيا بعد محاولة الإنقلاب الفاشلة أصبحت أكثر براغماتية وإعادت تموضعها في الحقل الإرهابوي الدولي عبر التقارب مع الروس.

تبدو محاولة المعارضة السنية المسلحة في حلب بتشكيل “جيش حلب” بعيدا عن جبهة فتح الشام دون جدوى، فسدنة حرب الإرهاب لن يأخذوا الأمر على محمل الجد. فقد قال لافروف عقب الإعلان عن المكون الجديد: “إن كافة فصائل المعارضة المسلحة في حلب تخضع لأوامر تنظيم “جبهة فتح الشام” (النصرة سابقا) وعبر عن اعتقاده بأن الإعلان عن تشكيل “جيش حلب” الجديد ليس إلا محاولة لتقديم “جبهة فتح الشام” تحت اسم جديد وإخراجه من تحت العقوبات الدولية المفروضة عليه كما أكد لافروف أن موسكو مازالت تدعم مبادرة المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا حول تنظيم خروج مسلحي “جبهة فتح الشام” من حلب وحمّل أولئك “الذين يريدون إبقاء حلب تحت سيطرة الإرهابيين” مسؤولية عرقلة تنفيذ المبادرة.

خلاصة القول أن حلب تخضع لمنظورات سدنة حرب الإرهاب وهي مدينة سنية عريقة لا يمكن أن تحظى بحماية ورعاية دولية ذلك أن الإرهاب تحول خلال الأعوام الأخيرة إلى صناعة رائجة وبات مكافئا للسنة وحروب الإرهاب أصبحت في غاية الغرابة حيث تقوم على تخليص المدن الإرهابية السنية من إرهابيين سنة وهم في تصنيفات سدنة حرب الإرهاب كافة الحركات والجماعات الإسلامية السنية التي لا تخضع لمقتضيات ومتطلبات حرب الإرهاب.

قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجمعة إن أولئك الذين يسعون للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، في انتهاك لقرار الأمم المتحدة، يعيقون محادثات السلام السورية.

ونقلت وكالة أنباء “تاس″ الروسية عن لافروف قوله إن “قرار مجلس الأمن 2254 يطالب ببدء المفاوضات حول العملية السياسية في سورية دون قيد أو شرط”.

وأضاف لافروف قائلا للصحفيين في روما: “لسوء الحظ، تمت إعاقة المفاوضات لأكثر من نصف عام على أيدي أولئك الذين يروجون لإعطاء إنذار أخير، في انتهاك لقرار مجلس الأمن الدولي، أنه من الضروري بشكل مبدئي أن يطاح بالأسد، وهو أمر غير مقبول بالطبع، لأنه لم يتم إبرام مثل هذه الاتفاقيات”.

وبحث وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع نظيره الروسي في روما تفعيل المناقشات حول وقف القتال وآفاق الانتقال السياسي في سوريا، حسبما أفادت وزارة الخارجية الأمريكية.

وأوضحت أليزابت ترودو، المتحدثة باسم الخارجية، الجمعة، أن كيري أعلب للافروف عن قلق واشنطن العميق إزاء الوضع في سوريا، لا سيما هجمات تستهدف مدنيين في حلب. وأضافت أن الوزيرين بحثا “الجهود الرامية إلى تفعيل المناقشات حول نظام وقف الأعمال القتالية وإيصال مساعدات إنسانية وآفاق الانتقال السياسي” في سوريا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى