قبسٌ من السيرة / ضيف الله قبيلات

بسم الله الرحمن الرحيم
قبسٌ من السيرة

قال سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهره مع غلامه رباح، وأنا معه بفرس أبي طلحة، فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاري قد أغار على الظهر فاستاقه أجمع وقتل راعيه، فقلت يا رباح خذ هذا الفرس فأبلغه أبا طلحة وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قمت على أكمة واستقبلت المدينة فناديت ثلاثاَ : يا صباحاه، ثم خرجت في آثار القوم أرميهم بالنبل وأرتجز أقول:
خُذها أنا أبن الأكوع … واليوم يوم الرُّضَّع.

فوالله ما زلت أرميهم وأعقر بهم فإذا رجع إليّ فارس منهم جلست في أصل الشجر ثم رميته، حتى إذا دخلوا في تضايق الجبل علوته فجعلت أرديهم بالحجارة، فما زلت كذلك أتبعهم حتى ما خلق الله تعالى من بعير من ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خلّفته وراء ظهري وخلّوا بيني وبينه.

ثم أتبعتهم أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بُرده وثلاثين رمحا يستخفّون، ولا يطرحون شيئا إلا جعلت عليه آراما من الحجارة ليعرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، حتى أتوا متضايقا من ثنيّة فجلسوا يتغدّون وجلستُ على رأس قرن فصعد إليّ منهم أربعة في الجبل فقلت لهم ” هل تعرفونني؟ أنا سلمة بن الأكوع لا أطلب رجلا منكم إلا أدركته، ولا يطلبني فيدركني”، فرجعوا.

مقالات ذات صلة

فما برحتُ مكاني حتى رأيتُ فوارس رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخللون الشجر فإذا أوّلهم ” أخرم ” وعلى أثره “أبو قتادة” وعلى أثره “المقداد بن الأسود” ، فالتقى عبد الرحمن وأخرم فعثر بعبد الرحمن فرسه ولحق أبو قتادة بعبد الرحمن فطعنه فقتله وولى القوم مدبرين، فتبعتهم أعدو على رجليّ، حتى عدلوا قبل غروب الشمس إلى شعبٍ فيه ماء يقال له “ذو قَرَد” ليشربوا منه وهم عِطاش فأجليتهم عنه فما ذاقوا قطرةً منه، ولحقني رسول الله صلى الله عليه وسلم والخيلُ عِشاءً، فقلت يا رسول الله إن القوم عِطاش فلو بعثتني في مئة رجل استنقذت ما عندهم من السّرْح وأخذت باعناق القوم، فقال صلى الله عليه وسلم “يا ابن الأكوع ملكْتَ فاسجح” ثم قال صلى الله عليه وسلم “خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة” وأعطاني سهمين سهم الراجل وسهم الفارس وأردفني وراءه على العَضْباء راجعين إلى المدينة.
ضيف الله قبيلات

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى