تفاصيل مهمة تردُّ بها السويد على اتهامات “الخطف” لأطفال سوريين

سواليف

كان واضحاً جداً تفاعل السوريين منذ اليومين الماضيين على الشبكات الاجتماعية، حول الفيديو الذي يظهر السلطات السويدية خلال مداهمة بيت أحد اللاجئين وأخذ أولاده على مرأى عينيه.

حسان السكري، اللاجئ السوري الذي أخذت السلطات السويدية أطفاله الثلاثة، نشر أيضاً مقطعاً يوجه نداءً إلى الرأي العام، ويتهم السلطات السويدية “باختطاف” أولاده الثلاثة.

لكن ما يقوله السكري في المقطع الذي نشره ينافي نوعاً ما القوانين السويدية، التي نادراً ما يتم التجاوز فيها، وخاصة عندما يقول: “تم خطف أولادي وزوجتي من المدرسة من قبل السلطات السويدية، وهربوا منهم فيما بعد مع أمهم”.

السلطات السويدية أكدت من طرفها أن الطفل أحمد السكري اشتكى من خلال مدرسته، بأن والده حسان السكري يقوم بضربه وإخوته في البيت، لذلك تدخلت السوسيال والشرطة السويدية.

وقرَّرت فيما بعد فصل الأولاد مع أمهم عن الأب لمدة ستة أسابيع، لانتظار القرار الذي ستتخذه السلطات السويدية بحق الأب حسان السكري.

ففي مملكة السويد نظام الاندماج يكون على مدى سنتين متواصلتين، يتعرف فيهما اللاجئ على اللغة السويدية والقوانين السويدية والأساسيات من العادات والتقاليد في المجتمع السويدي، الذي يكون الاختلاف أحياناً كبيراً جداً بالنسبة إلى العادات والتقاليد السورية مثلاً، ويتلقَّى اللاجئ خلال هاتين السنتين مساعدة مادية شهرية، تصل أحياناً إلى ألف يورو للشخص الواحد.

واختلاف هذه العادات والتقاليد أحياناً يُعارض القوانين السارية في هذه المملكة، وعندما يبقى هذا السلوك مستمراً، والذي تعتبره الحكومة السويدية “خاطئاً” يحاسب اللاجئ قانونياً، وتصل أحياناً إلى السجن أو فصل الأولاد من أحد الأبوين أو حتى من كلاهما، في حال كانت هناك خطورة على حياتهم، أو على مستقبلهم، أو حتى على الحالة النفسية للطفل، لتقدم (السوسيال) دائرة الخدمات الاجتماعية الرعاية الكاملة للأطفال، بدلاً من الأبوين.

هكذا ردّت الحماية

“هاف بوست عربي” التقت مع مديرة الخدمات الاجتماعية في إحدى بلديات مقاطعة فيسترا يوتا لاند في السويد “ماريا أولسون”، على خلفيات وتداعيات الأحداث الأخيرة التي حدثت لعائلة حسان السكري.

عند سؤالنا لمديرة الخدمات الاجتماعية (السوسيال)، عمَّا تتوقع أن يحدث لتتصرف الشرطة السويدية على هذا النحو مع العائلة السورية؟

“الشرطة هنا لا تتصرف بهذا الشكل من دون إنذارات مسبقة أو تنبيهات للوالدين، والتي تكون ناجمة عادة عن شكوى مقدمة ضد أحدهما أو كلاهما، من قبل الأطفال، أو المدرسة التي يدرس فيها الأطفال.

نكمل حديثنا مع ماريا عمَّا سيحدث إذا تلقت دائرة الخدمات الاجتماعية مكالمة هاتفية، تكون شكوى ضد أحد الأبوين، من قبل طفل أو مدرسة الطفل؟

تقول: “أولاً نتأكد من المدرسة أو الطفل من خلفيات الموضوع، ونعرض الطفل على دكتور أو ممرض، ليتأكد إذا كان الطفل تعرض إلى عنف أو ضرب أو أي معاملة سيئة، عندها نتكلم مع الأبوين عن خلفيات الشكوى، ونستمع إلى قصة الأبوين، وإذا كان العنف موجوداً بالفعل نقوم بتنبيه الأبوين بعدم تكرار ذلك.

وفي حال تكرار المعاملة السيئة نقوم برفع الشكوى إلى المحكمة، لتقوم على الموضوع، في هذه الأثناء يكون الأطفال أما عند الأبوين أو عند عائلة ثانية، في حال كان هناك خطر عليهم أو على حياتهم.

وفي سوؤال: ألا تجدون في اختلاف الثقافات صعوبة في إيجاد حلول للمشكلات الاجتماعية في السويد، الفيديو الذي رأيته قبل قليل لعائلة السكري مؤثر جداً؟

تجيبن أنه “بالطبع هناك صعوبة كبيرة في تدارك هذه المواضيع أحياناً، وخاصة هنا في السويد أحيانا أكثر من الدول الأوربية الأخرى، لكن أيضاً سلامة الطفل الجسدية والعقلية تأتي في أولوياتنا في هذه الدائرة، وبالطبع نتفهم أيضاً ردة فعل الأبوين على أخذ أولادهما إلى عائلة أخرى، لكن هذا يكون مؤقتاً، لتأهيل الأبوين للقدرة على التعامل مع الأولاد بطرق بعيدة عن العنف الأسري.

تختم ماريا حديثها بأن الشرطة السويدية ليست سيئة كما يقال أحياناً، بل هي سلطة تنفيذية في أغلب الأوقات، تتلقى أوامر وتقوم بتنفيذها.

وتضيف أيضاً اتَّفهم الحالة التي يكون فيها اللاجئ عند قدومه الى السويد من دولة تكون فيها الحرب، ولا يثق بالسلطات أو الشرطة في تلك الدولة، لتكون نتيجة طبيعية عدم الثقة بالشرطة المحلية السويدية.

سنان عبد 35 عاماً، متزوجة، وأم لأطفال، مقيمة في السويد، ترى أن الطريقة التي قامت بها السلطات السويدية بأخذ الأطفال من عائلة السكري هي طريقة مشينة، ولا تعتمد على أي أسس حضارية، التي هي معروفة عن السويد.

لكن سنان ترى أيضاً أن من حق الدولة أن تحافظ على الأطفال، وحقوق الأطفال المقيمين في السويد، وتحت القانون السويدي، وحمايتهم من العنف الأسري الذي يتواجد بكثرة في العائلة الشرق أوسطية.

تضيف سنان أيضاً: يجب على السوسيال أيضاً أن يغيروا طريقة التعامل مع اللاجئين الجدد، وتفهم الاختلاف الكبير بين المجتمعين، وإيجاد طرق سليمة للحفاظ على حقوق الأطفال، مع مراعاة عادات وتقاليد اللاجئين القادمين إلى السويد، لأنهم أصبحوا جزءاً من المجتمع السويدي.

فأمر العادات والتقاليد مهم خاصة لأولئك القادمين من بلدان الشرق الأوسط عموماً، وسوريا خصوصاً، التي في أغلب الأحيان تكون السلطة المطلقة للأب أو رب الأسرة، الذي يتفرد في قراراته المتعلقة بجميع أفراد أسرته من أولاده وبناته، ويتجاوز أحياناً حتى إلى الأخ والأخت أيضاً.

ونصيب السوريين كان كبيراً من بين هذه الحالات والمشكلات الاجتماعية في الغرب، لأسباب تتعلّق بأزمتها التي بدأت من سنوات، وتسببت بنزوح وهجرة ما يقرب من نصف سكانها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى