تعداد المواشي (قصة واقعية) // د.ماجد احمد الحياري

تعداد المواشي (قصة واقعية)

إن ما يحدث في محافظات المملكة من احتجاجات شعبية على قرارات الحكومة القاضية برفع أسعار السلع الأساسية على المواطن من أجل سد عجز الميزانية من جيوب الجياع والفقراء، ومحاولة الحكومة اجراء لقاءات مكثفة مع وجهاء المدن التي تشهد احتجاجات، من أجل كبح جماح هذه الاحتجاجات والمسيرات ووأدها في مهدها، كل هذا يذكرني بقصة واقعية حدثت في إحدى قرى المملكة حيث أنه أثناء تولي رئيس الوزراء وصفي التل مقاليد الحكومة، قرر أن تقوم حكومته بجرد عدد المواشي في المملكة الاردنية الهاشمية وذلك من أجل عمل احصائية لهذه المواشي وأنواعها، وبالفعل باشرت الحكومة آنذاك مراسلة الجهات المختصة في كل محافظات المملكة لكي تقوم بعملية الجرد، وفعلاً تم مخاطبة المحافظين والذين بدورهم خاطبوا الجهات المختصة في القرى والمدن التابعة للمحافظة ، وعندما وصلت صورة من خطاب رئاسة الوزراء لإحدى القرى بالمملكة اختلف مخاتير هذه القرية في تفسيرهم لكلمة مواشي وماذا تعني كلمة المواشي التي ترغب الحكومة بحصرها!!! فهذه الكلمة لم تكن مستعملة آنذاك ولم تكن معروفة شعبياً بين عموم الناس من سكان تلك القرية البسطاء.
وبعد عدة مداولات بينهم أتفقوا على تفسير واحد ألا وهو أن الحكومة قصدت بكلمة مواشي الاشخاص الذين يمشوا مع الحكومة ويوافقوا على قراراتها، وكان هذا التفسير فرصة لمخاتير تلك القرية ليخبروا الحكومة عن الاشخاص الذين يعترضوا على قراراتها، وبالتالي يطيحوا بمنافسيهم الذين ينافسوهم على سدة مخترة القرية.
فأرسل مخاتير القرية خطاباً للحكومة ممهوراً بختمهم جاء فيه إن كل من في القرية مواشي وماشيين مع الحكومة إلا ابن احمد العبد وابن عبد الحج سالم هظول مش مواشي، ومن ذلك الوقت عرفت حكوماتنا كيف ترعى رعاياها وتسيرهم ليمشوا على خطاها.
الموضوع ببساطة لو قمنا بعمل إحصائية للمواشي البشرية لوجدنا عددها كبير ويرعاها رعاة كثيرون، وينبح عليها كلابٌ كثر ، ويقودها مرياع يمشي وتمشي وراءه الأغنام ولا تعلم الاغنام التي تمشي وراء المرياع الذي علق برقبته الجرس أنه يمشي وراء حمار الراعي.
كلهم( الراعي، وكلاب الرعي، والمرياع، وحمار الراعي ) يعملوا لمالك واحد تحلب له الأغنام وتذبح له وتقام على شرفه الولائم ويقص صوفها له لينعم بفراش دافئ ووثير.
مسكينة تلك الأغنام عاشت طوال عمرها تخاف أن تاكها الذئاب التي تحوم حولها وفي نهاية المطاف يذبحها راعيها ويقدم لحمها مهشوشاً و منشوشاً أو مطبوخاً لمن لا يهمه أمرها.
وصحتين وعافية

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى