تشقق خرسانة مفاعلات الإمارات / د. أيوب أبو دية

تشقق خرسانة مفاعلات الإمارات

تضرب الإمارات مثلا في التأسيس لإقامة مفاعلات نووية فهي لا تهزها المليارات التي تنفقها على مفاعلات نووية ولا توازي شيئاً مقارنة بما تنفقه على البنى التحتية والتعليم وما إلى ذلك، إذ كان يُظن أن هذا المشروع ناجح بكل المقياس لأن المشاريع الأخرى التي تقام في العالم (باستثناء الصين) هي مشاريع متأخرة ومضطربة وفاشلة بامتياز كمشروع مفاعل فنلندا والمشروع الفرنسي الأخير في فليمندفيل ومشروع بيلين في بلغاريا، فهي مشاريع باتت نماذج من أسوأ نماذج الاستثمار في تاريخ الطاقة النووية في عصر باتت فيه الطاقة المتجددة تنافس حتى أقل مصادر الطاقة تكلفة وهي الغاز والطاقة الكهرومائية.
وتفاجانا مؤخراً عندما كشفت حكومة كوريا الجنوبية عبر رئيسها Moon Jae-in اتفاقات للتعاون العسكري بين الإمارات وكوريا إذ وافقت الإمارات على تلزيم الكوريين عطاء المفاعلات النووية في منطقة “بركة” وفق اتفاق عسكري يضم تجنيد الآلاف من القوات الخاصة الكورية تحت مظلة تعاون يطلق عليه أخ “AKH” تلزم الكوريين بالتدخل لحماية الإمارات عسكرياً في حالة الضرورة؛ إذاً هو مشروع عسكري بالدرجة الأولى قبل أن يكون لتوليد الكهرباء. كذلك طرحت تساؤلات في البرلمان الكوري لماذا كانت عروض أسعار المفاعلات الإماراتية متدنية بما لا يقل عن 20% مقارنة بالأسعار التي تقدمت بها دول كالولايات المتحدة الأمريكية واليابان وفرنسا؟
هذا السؤال يمكن الإجابة عنه في ضوء التشققات التي ظهرت مؤخراً في خرسانة حماية المفاعلات، كما ظهر في مقالة نشرت على موقع كوري HANKYOREH بتاريخ 17 أكتوبر 2018، حيث صرحت شركة الكهرباء الكورية بأنها اكتشفت تشققات في غطاء حماية المفاعل رقم 3 الذي كان تحت الإنشاء، ثم بعد التدقيق على المفاعلات الأخرى وجدت تشققات مماثلة في حماية المفاعلات 1، 2 و4، الأمر الذي استدعى تأخير تشغيل المفاعل في العام الماضي 2017 والذي هلل له المهللون بأنه سيبدأ في العمل. والآن يتحدثون عن تأخير لعامي 2019 – 2020 كموعد لبداية التشغيل.
ولكن القضية على خطورتها، فقد اتضح ما هو أخطر من ذلك حيث أن هذه المشكلة يبدو أنها قد أثرت على إنتاج المفاعلات النووية في كوريا حيث أن إنتاج الكهرباء النووية انخفض في كوريا إلى مستويات متدنية واتضح أن سبب ذلك هو بداية أعمال صيانة في المفاعلات الكورية نفسها الأمر الذي عزز ثقة الحكومة الكورية بأن كوريا الجنوبية هي في مسار صحيح صوب الاستغناء عن خدمات مفاعلاتها النووية بصورة تدرجية وعدم بناء أي مفاعلات جديدة في المستقبل.
ومما يجدر ذكره أن سماكة جدران الحماية الخرسانية بلغت 120 سنتمتراً وهي أصلاً تهدف لمنع تسرب الإشعاعات من المفاعل في حالات عمله العادية وكذلك تقوم بحماية المفاعل في حالة حدوث كوارث أيضاً كانصهار قلب المفاعل، لذلك فإن ظهور هذه التشققات يهدم أسطورة المفاعلات الآمنة ويجعل من تكلفة هذه المفاعلات مرعبة ومدمرة لاقتصاديات الدول النامية لأن تكلفة توليد الكهرباء من الطاقة النووية باتت تساوي على الأقل أربع مرات تكلفتها من الغاز على سبيل المثال وعشر مرات تكلفتها من الطاقة الشمسية.
ختاماً بقي أن نذكر أن كوريا الجنوبية هي التي بنت المفاعل البحثي في جامعة العلوم والتكنولوجيا لذلك فمن الحكمة بمكان أن يقوم دولة رئيس الوزراء بفتح تحقيق بهذه المشاريع التي تولتها وأشرفت عليها كوريا الجنوبية علماً بأن القضاء قد أودع رئيسة الوزراء السابقة Park Geun-hye في السجن وحكم عليها بـ 24 عاما ودفع غرامات مالية كبيرة نتيجة إساءة استخدام سلطتها والحصول على امتيازات من الشركات الكورية لصالحها الشخصي ولصالح أصدقائها، وعلماً بأن رئيس الوزراء الذي سبقها Lee قد حكم أيضاً بالسجن لمدة 15 عام لقضايا فساد واستلام رشاوى من شركة سامسونج الكورية وغيرها. ومما يجدر ذكره أن رئيس الوزراء السابق Lee قد استلم الحكم بين عامي 2008-2013 ثم استلمت الحكم من بعده رئيسة الوزراء Park القابعة في السجن الآن؛ ويشار إلى تلك السنوات بأنها الفترة التي قام فيها الكوريون الجنوبيون ببناء محطة الطاقة البحثية في جامعة العلوم والتكنولوجيا والتي تم تشغيلها في عام 2016.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى