التعليم في الاردن ، من أولا البيضة أم الدجاجة ؟ / سهى عبدالهادي

التعليم في الاردن ، من أولا البيضة أم الدجاجة ؟

اذا تعمقنا قليلا في واقع التعليم في الاردن يواجهنا تسآؤل عن مكمن المشكلة ومن أين تبدأ ؟ هل تبدأ من المدرسة والمراحل الأساسية الأولى أم من الجامعة والمراحل العليا في التعليم ؟

هكذا تدور الحلقة ما بين البيضة والدجاجة إلى ما لا نهاية كدولاب يتراقص داخله أطفالنا وشبابنا في حركة مستمرة دون الوصول إلى المحطة الأخيرة والغاية المنشودة ، فطلاب المدارس في المرحلة الأساسية الأولى هم خامة نادرة واسفنجة جاهزة ومستعدة لإمتصاص كل ما يقدم لها وهنا يتمتعون بموقف الحياد في دولاب البيضة والدجاجة مما يجعل المسؤولية تقع على عاتق المعلمين وواضعوا المناهج وراسموا سياسات التعليم العامة في الدولة ، ومن زاوية أخرى يتخرج طلبة تخصص معلم الصف من الجامعات ايضا وكأنهم خامة جديدة اخرى متمتعين وذوي خبرة بالنظريات التربوية الحديثة وأساليب التعليم والتعلم المتنوعة وهم على استعداد تام لتطبيقها على تلك العقول الصغيرة المتعطشة للمعرفة والتفكير .
اذن اين المشكلة ؟
المشكلة في رأيي تكمن في اكثر من زاوية :
* هل من درس تخصص معلم الصف درسه عن حب وشغف لهذه المهنة النبيلة أم لأنه فقط حصل على معدل منخفض لم يؤهله الا لهذا التخصص ( وهذا منحى خطير جدا )
* اذا افترضنا أن من دخل تخصص معلم الصف دخله بكامل رغبته واختياره دعونا نرى ما يحدث على أرض الواقع داخل اسوار المدارس وقد رأيت ذلك بعيني :
يأتي معلم الصف المتدرب إلى المدرسة متحمسا ومتشوقا لتطبيق كل ما تعلم في مساقاته الجامعية ليكون النموذج المثالي لعمليتي التعليم والتعلم بما فيها من اهداف ووسائل واساليب …الخ فيصطدم بتجاوزات هائلة من المعلم ذي الخبرة ( البعض منهم ) والباع الطويل في الميدان والذي اصبح عمله مع مرور السنين مجرد روتين جعله ينسى او يتناسى كل ما تعلمه ( هذا على افتراض انه متخصص فيما يقوم به ) فأصبح يدير عمله وصفه وطلابه بالطريقة التي تحلو له وتضمن له الراحة اليومية .
نضيف إلى ذلك التجاوزات الإدارية التي لا تعد ولا تحصى لإدارات المدارس والتي تتفنن بها للإلتفاف والدوران على وزارة التربية والتعليم ( هذا في حال أن وزارة التربية والتعليم تقوم بواجبها على أكمل وجه في تفقد احوال المدارس للتأكد من تطبيق سياساتها واهدافها التعليمية الموضوعة بعناية ودقة لإعداد اجيال ناشئة قادرة على تطوير وقيادة مجتمعاتها )
* يرى معلم الصف المتدرب التجاوزات السابقة وبما أنه ايضا طالب يتعلم بالقدوة والنموذج أكثر من الكلام النظري ، ولأنه غير قادر على خوض معارك وحروب في بداية دربه المهني ، ولإنه يحتاج لوظيفة تنشله من سوق البطالة ، ولأنه تربى في مجتمع يقول له ( اربط الحمار محل ما صاحبه بدو ، وامشي الحيط الحيط ويالا الستر ) تجنبا للمشاكل فسوف يختار الطريق الاسهل ويغض النظر عن كل ما تعلمه وينصهر في بوتقة وتجاوزات المدرسة التي يعمل بها ليضمن على الأقل راتبه الشهري وبذلك يدخل في دولاب البيضة والدجاجة من اوسع ابوابه وهذا جزء يسير مما يحدث في مدارسنا لتكون النتيجة خسارتنا جميعا طلابا ومدرسين وآباء ومدارس ووزارات ومجتمع بأكمله لإهم خامة قابلة للإستثمار في بلد لا يمتلك اي ثروات مادية .

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. تدمير التعليم في الاردن يأتي ضمن خطة تدمير النشىء و خلق اجيال هينة و مطيعه في ايدي الصهاينة و اذنابهم. حتى لو اتقن المعلم عمله و احسنت الادارة في اداء واجباتها فالمناهج متخلفه و افاق الامل مسدودة في وجه ابنائنا. المديونية العامة ترتفع بحوالي ٢ مليار دينار سنوياً وهذا مستحيل عملياً الا اذا كان هناك سرقه ممنهجة و على اعلى مستوى في الدولة. قريباً سترفع الدولة يدها عن التعليم المدرسي بحجة المديونية و ستزداد الجريمة و نصبح باحة خلفية لاسرائيل

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى