الطب في موزمبيق
طوال حياتي اعتبرت أن تجاربي مع الأطباء هي تجارب مبهمة غامضة، لها ذات مقدار الرهبة التي تحيط بمثلث برمودا ومنزل القس “بول”..
لم أخرج في حياتي من عيادة أي طبيب وأنا مرتاح النفس أشعر بأن الإشارة أمامي خضراء “تسهّل”، كنت دائما ما أدخل عيادة هذا الفحل لأخرج منها وقد ازددت فوق الألم حيرة.. وفوق الحيرة تساؤلا.. وفوق التساؤل إجابات من الصعب حل طلاسمها، الحوار دائما ما يأخذ هذا الشكل كمثال:-
– مم تعاني؟
– دكتور.. أشكو من ألم في ركبتي.
– أعتقد أن السبب وزنك الزائد
طبعا أبدأ في فقد جرامات عزيزة من جسدي ثم أعود له وأنا أشعر بأنني صرت أشبه “الشلمونة” طولا وأبعادا، فيقرأ التقرير القديم وينظر لي من أسفل النظارة السميكة ويقول:-
– من الواضح أن السبب ليس الوزن، هل تأكل البيض ومشتقات الألبان؟
– نعم دكتور.
– مممم هذا غريب، أظن أن السبب برد في الركب، سأكتب لك على مراهم تدهنها ثلاث مرات يوميا.
– دكتور.. وماذا عن نظام عملي التناوبي؟
– إدهن حتى وأنت نائم.. علينا معرفة السبب.
طبعا لا نتيجة، من ثم ينصحني بمجموعة من الصور تضاف إلى ألبوم صور الذكريات….. ثم لا شئ !!.. أزور طبيبا آخر فينظر إلى التقارير شزرا ويقول متحدثا من أنفه:-
– طبيبك الأول حمار بأذنين.
– لماذا دكتور؟
– لأنه لم يعرف بأن السبب هو ترسب الأملاح.
– وكيف يتكون هذا الترسب اللعين؟
– طبعا من البرد !!
بعد أشهر أكون قد زرت غيره ليؤكد أنه الأول والثاني حمير جر لا يحترمون قسم الأطباء المقدس:-
– والسبب يا دكتور؟
– كيف تذهب إلى أطباء ذوي أسماء لامعة كهؤلاء فلا يعرف أحدهما أنك تعاني من نقص الزلال؟
– وكيف نقص زلالي يا دكتور؟
– من البرد طبعا.. هذا واضح !!
لا أدري لم يتعب هؤلاء أنفسهم ويدرسون “البرد” في سبع سنوات، لماذا لا ينصحون الناس بتدفئة أنفسهم ويغلقون كليات الطب ويشعلون النار بمرتاديها؟!!..
منذ أيام زرت ميكانيكيا آخر غير الذي أعرفه ليرى ما دها سيارتي العتيقة.. فسـألني:-
– ما بها المحروسة؟
– هناك رائحة بنزين أشتمها وأنا أقود.
– هل أخذتها إلى غيري؟
– نعم أخذتها إلى كراج توفيق.
– وماذا قال لك؟
– قال أنها مشكلة مضخة.
– توفيق حمار بأذنين، الأمر واضح.. هذه مشكلة تيوبات !!
يذكرني كل هؤلاء بحكومات “موزمبيق” المتعاقبة.. كل منها يتهم الآخر بأنه لم يحسن إدارة اقتصاد الدولة، وأنه سبب الخسائر والترهل والبطالة والفقر… فيما لا زالت المديونية تتضخم…..!!!