البيدر / رائد عبدالرحمن حجازي

البيدر
13346688_623757944466368_3890979440511538794_n

13325720_623757937799702_7198267078093634652_n 13321732_623760547799441_6720491922614958840_n 13315539_623757981133031_2573566358690315223_n
بعد الفجر ها هو سالم يطلب من أهل بيته الإستعداد لعمل شاق وهو دراس البيدر . حيث نادى بأعلى صوته هيييييي يأم جميل جهزي الزوادة والحقيني إنتي والعيال عالبيدر . وبعد أن إلتم شمل العائلة عند البيدر حيث سالم قد أعد لوح الدرّاس وربط على عيني الكديش قطعة من القماش وطلب من إبنه جميل الوقوف على اللوح معلناً بداية عملية الدرّاس .

جميل وقف على اللوح وأمسك بالحبل وصاحَ مخاطباً الكديش : حا .. ولك حا … ديا …ديا ليسير الكديش على أطراف البيدر . وما هي إلا لحظات وبدأت سيقان السنابل الجافة تتكسر وحبات القمح تتناثر من السبل . وسالم كان يسير أمام إبنه جميل ومعه الشاعوب ليضع كميات متتالية من سنابل القمح ليطحنها قطار جميل الخشبي (لوح الدرّاس), وبينما عملية الدراس مستمرة وإذ بمحسن وصديقه أنور قد أتيا ليلهوان مع صديقهما جميل .
أنور : لد هاي أبو التتن داعد بدلت (لد هاي أبو الستشن قاعد بدرس)
محسن : هههههه شايف شايف وشو رأيك تا نروح ندرس معه عاللوح ؟
أنور : يالله ومنه بنتتلى وبنلعب الدويخة عاللوح (بنتسلى)
جميل وقد تهلل وجهه برؤية محسن و أنور فنادى عليهما قائلاً : تعالوا جاي أقمزوا (أقفزوا) عاللوح . يركض كل من محسن وأنور ويقفزا بجانب جميل والإبتسامة على وجوههم جميعاً , هنا صاحت أم جميل قائلة : هي ولكوا إبعدوا عن اللوح خلّي هالولد يتشمل درّاس , ولكن سالم والد جميل رد عليها وقال : دشّريهم يا مرة خليهم إمبرطعين (مسرورين) وبعدين ثُقلهم مليح للدرّاس ثم يوجه كلامه للأولاد قائلاً: أتردوش عموه خليكوا عاللوح أبس ديروا بالكوا لا تفطرزوا (تقعوا) عن اللوح وشوي شوي عالكديش .

طبعاً أثناء الدرّاس حدثت بعض الأحداث المُضحكة مع الصبية مثلاً محسن كان ينظر على طرف اللوح ليشاهد حركة القصل (سيقان السنابل)العكسية مما أدى لحدوث دوخة أوقعته مراراً عن اللوح , أما أنور فكان يتعب من الوقوف ليجلس على اللوح لتباغته بعض القصلات من بين فراغات اللوح لتستقر في مؤخرته أو على أسفل فخديه ليُطلق بعض الصيحات والتأوهات بين الفينة والأخرى , أما جميل فكان يتعمد زيادة سرعة الكديش ليُسقط محسن وأنور عن اللوح بسبب قوة الطرد المركزي إلا أنه هو من سقط في إحدى المرات وقام والده بتوبيخه مما أثار موجة من الضحك عليه من قِبل محسن وأنور .

غابت شمس ذلك اليوم و إنتهت عملية الدرّاس لتبدأ في اليوم التالي عملية فنية أُخرى وهي فصل الحب عن التِبن. وفي صبيحة اليوم الثاني عاد الجميع لمنطقة البيدر وأمسك كل واحد من أفراد عائلة سالم بمذراته وبغياب محسن وأنور عن المشهد.

مقالات ذات صلة

سالم قال : لدّوا عليّ كل واحد منكو يوقف بحذاي هو ومذراته وديروا وجوهكوا للقبلة , هنا قاطعه إبنه جميل قائلاً : ولويش للقبلة يابا إحنا بدنا نصلي؟ فرد عليه سالم وقال : ولك صار لك خمس سنين بتذري عالبيدر ما حلك تعرف لويش … مهو يا فصيح الهوا غربي وعند ما ترفع المذراة بطير التبن لمشّرّق فهمت ولا لأ ؟ طبعاً إجابة جميل المعروفة كانت فهمت يابا فهمت .

بدأت عملية التذّراية وراحت حبات القمح الذهبية تتساقط وكأنها شذرات من الذهب بينما التبن أخذ يتطاير ليسقط بعيداً عنها ببضعة أمتار ليحصلوا بالنهاية على كومين منفصلين لتبدأ بعدها عملية أُخرى وهي نقل المحصول للمنزل بالشوالات والخيش .

أيام صعبة وعمل مضني وتعب وكد وخصوصاً تحت أشعة الشمس هذا ما حدث مع سالم وعائلته وما يحدث مع جميع أهل القرية فلكل مجتهد نصيب . قد يقول البعض إن لم تكن الغالبية بأن نمط حياتنا هذه الأيام أفضل بكثير عن نمط حياة أبائنا وأجدادنا . لكن صدقوني لو كُتبت لهم طولة العمر حتى هذه الأيام لتحسروا علينا , أتدرون لماذا ؟
الجواب : هداة البال
رائد عبدالرحمن حجازي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى