المال السايب

مقال الخميس 13-12-2018
المال السايب
أحياناً لفرط الفساد الموجود في مؤسساتنا وطريقة إدارته وتقاسم (المغنم) كتقاسم لحم الذبيحة ،أتخيّل نفسي وأنا أشاهد الوثائق وطريقة السرقة كأنني أتابع فيلماً مصرياً قد بالغوا في قصّته وضخّموا تغوّل مافياته من أجل شد المُشاهد حتى الدقيقة الأخيرة ..لكن على ما يبدو أن الواقع لدينا بات درامياً أكثر من كل الأفلام المتخيّلة..
وقعت بين يدي وثائق لإحدى الجامعات الرسمية ، تكشف لماذا البحث العلمي ما زال يراوح مكانه ،وجلّ ما يقدّم لا يرتقي إلى ما تقوم به مدرسة ابتدائية في ماليزيا ، باختصار لأن مخصصات البحث العلمي كما شاهدتها بأم عيني (منهوبة) ذهبت مكافآت للرئيس ولأعضاء هيئة التدريس ونواب رئيس الجامعة والمحاسيب ولم يصرف منها فلساً واحداً للبحث العلمي بطريقة شيطانية والتفاف على المانحين .
كما شاهدت عطاءات مفصّلة بالمقاس على شركات تخص رئيس الجامعة أو شقيقه أو أحد مقرّبيه بحيث لا يستطيع أي متقدّم لهذا العطاء دخوله لغموض بنوده وعموميتها ، ويحال العطاء بأرقام فلكية بمئات الآلاف، وحتى تكتمل الدائرة عادة ما يتم اختيار المدققين المحاسبين على (قد الإيد) لا بل ويتم استشارتهم بمخرج محاسبي دون ترك أي دليل..
مئات الملايين تهدر سنوياً في الجامعات فقط بسبب غياب المساءلة والفساد المغطى بكتب رسمية وهمية بدءاً من سرقة وقود التدفئة ، مروراً ببرامج تدريسية وهمية وليس انتهاء بالسفرات التي تتجاوز مئات الآلاف، لو ضبطت هذه المصاريف لما كان حال جامعاتنا على ما هي عليه الآن من تراجع في التعليم والمديونية ومحاولات تغطية العجز بفتح تخصصات لا مكان لها في سوق العمل
الجامعات مؤشر صغير على ما يمارس في معظم مؤسسات الدولة ، المال العام في أذهان من يستلمون الإدارات مال (منهوب) سايب ،ومن لم يقم بالاستفادة أو السرقة جبان أو أهبل .

لك الله يا وطني

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى