الفروق / رائد عبدالرحمن حجازي

الفروق
قبل عيد رمضان (الفطر) بإسبوع كُنا نتوقع في أي لحظة يدخل علينا الوالد وقد اشترى لنا كسوة العيد , وهي عبارة عن بنطال ديولين شارلستون , وقميص أو بلوزة قطن أو صوف وذلك حسب المناخ والفصل السائد آنذاك , وأجلكم الله حذاء .
مشكلتنا كانت تبدأ بعد استلام العهدة المخصصة لكل منا , وتكمن في أن المقاسات كبيرة بعض الشيء , فمثلاً البنطال فيه زيادة في الطول ما لا يقل عن 5 سم والخصر كذلك ,بالأضافة لأكمام البلوزة ونمرة الحذاء التي كانت فيها نمرتين إلى ثلاث نمر زيادة أيضاً . نفرح بملابس العيد ولكن مشكلة القياسات كانت تنغص علينا فرحتنا , إلا أن توجيهات الوالد للوالدة وكلامه لنا كان يُزيل هذه المنغصات . وذلك بإسلوب تكتيكي مُتقن على النحو الأتي :-
الوالد : هسع أُمكّوا بتكُف ليكوا إجرين البنطلونات والكمام وبتلظمهن (قطبة خفيفة ليسهل إزالتها مستقبلاً). مشان عالعيد الكبير (الأضحى) بكونوا صاروا على قياسكوا .
نحن : طيب والكنادر بلُقّن وبمصعّن من إجرينا ,
الوالد : لا تخافوش جبت معي من سوق الكُندرجية ظبانات مشان الشغلة هاي
نحن : طيب وإذا ما طولنش إجرينا وإيدينا على العيد الكبير ؟
الوالد : بنخليهن على حالتهن تامنه يصيرين على قياسكوا للعيد إللي عُقبيه .
الوالدة : الله يسامحك كان أخظتهم معاك على السوق واشتريتلهم على قياسهم .
الوالد : أُسكتي يا مرة , شو إللي أوخظهم على السّواق ! بعدهم زغار . اسكتي … اسكتي , لا تفتّحيش عيونهم على هالشغلات , هو أنا باقي عندي مطبعة مصاري .
طبعاً كالعادة ينتهي الحوار ونحن في غاية السعادة , بعد حل مشاكل الطول والحجم بهذه البساطة . لنُمضي ما تبقى من رمضان وقد أحتضن كل منا ملابسه في كل ليلة منتظرين يوم العيد , طبعاً الحذاء الجديد معروف مكانه (تحت المخدة) .
رُبما الوضع المالي لم يكن يساعد أولياء الأمور لشراء كسوة جديدة للأبناء في العيدين , وخصوصاً ان الفترة الزمنية بينهما لا تزيد عن الثلاثة شهور , مع العلم أن أغلب الأحيان كان الأهل يحرموا أنفسهم من شراء ملابس جديدة لهم مقابل إدخال الفرح والسرور على أولادهم .
نفس الصورة تتشابه في ظاهرها اليوم بين الحكومات المتعاقبة وأبناء هذا الوطن .ولكن مع عدة فروق . فاكتشفوها يا أكارم .
رائد عبدالرحمن حجازي

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى