العنزة السمراء / سهير جرادات

العنزة السمراء
أكثر ما يثير المواطن مشاهدة مهارة تلك “العنزة السمراء “، التي ترافق مجموعات الأغنام المنتشرة في كل مكان ،وهي تتسلق على الأشجار المثمرة،ونراها في محيط دوائرنا ومؤسساتنا العامة أو الخاصة على حد سواء.
إن ما يميز هذه الفصيلة من الحيوانات ؛ القوة التي تُمكنها من تَحمل العيش في بيئات مختلفة، فهي توجد في أعالي الجبال ، وفي السهول ، وفي الأودية والواحات والصحارى ، كون طبيعة جسدها الرشيق؛ يمكنها من الحصول على الطعام بسهولة، سواء على الأرض من نباتات وحشائش ، أو على الأشجار من خلال تسلقها وقدرتها على ” التعربش “، لتتمكن من أكل الأوراق والبراعم دون أي معوقات.
يأتي خوف المواطن من هذه “العنزة السمراء ” ، من منطلق ما تمتلكه من قدرة فائقة في أكل الأخضر واليابس، كونها تمتلك ميزة “مط “عضلات جسدها، بطريقة تجعلها قادرة على التسلق والعربشة على الشجر، لتصل دون سواها من عناصر القطيع إلى الثمر العالي .
وعلى الرغم من كل الصفات غير المرغوب بها ” للعنزة السمراء” ، إلا أنها تمتلك صفة تجعلها مميزة ، وهي أنها حيوان اقتصادي من الدرجة الأولى، إذ أن تربيته لا تتطلب تكاليف كثيرة، باستغلالها عضلاتها اللينة و”مط ” نفسها للحصول على التغذية، وبصورة تجعلها تلتهم ما هو متاح لها ، وبعيد المنال لغيرها .
ولا يخفى على أحد، تقارب صفات ” العنزة السمراء” على مختلف أصنافها مع صفات بعض الوصوليين من البشر ، الذين يبحثون عن المكتسبات الخاصة،ولا يكترثون بالمصلحة العامة، من خلال حملهم ذات الصفة، وهي رشاقة الوصول للأشياء التي ليست من حقهم ،وامتلاكهم القدرة على اقتناص الفرص، وتحقيق المكتسبات ، والأهم قدرتهم على العيش في أي مكان، والتأقلم مع مختلف الظروف، ومواءمتها مع متطلباتهم القائمة على المنفعة الشخصية،خاصة بعد انتشارهم في أماكن حساسة ،تحولت بفضل خفة يدهم ، إلى مناطق خاصة للرعي وجني المكتسبات الذاتية ، واستباحة مساحاتها للصالح الخاص ، بطريقة أثرت على ادائها ، وبالتالي على تقدمها وتطورها .
لو نظرنا إلى الواقع، فإن عمر هذه “العنزة السمراء ” قصير جدا ، إلا أنه في الحياة الواقعية ،فإن عمرها يستمر طويلا ، لأنها تمتلك القدرة على اقتناص الفرص، وجنى تعب الآخرين، والحصول على ما هو ليس حق لها.
يعرف ذكر ” العنزة السمراء ” ب “التيس” ، والأنثى “معزة” وصغيرهما الذكر يعرف ب”الجدي” .. فأصل التيس جدي ، ويُنجب جديا ، يصبح فيما بعد عندما يكبر تيسا كبيرا ، لا بل كبيرا جدا …

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى