السياسي والصمدة

مقال الخميس 18-10-2018
السياسي والصمدة
تذكرون زمن أفلام الكاميرات القديم ،”كونيكا”، “كوداك”، “ساكورا”..حيث كان يؤخذ الفيلم “للتحميض” عند المصور ،يلف بمحرمة أو ينقل بعلبة كرتون كي لا يتسرّب الضوء اليه وبالتالي تحترق الصور و “تبوز” الحفلة، بالمناسبة كانت تقاس مهارة المصور بعدد الصور الناجحة من التحميض فمن استطاع ان يحمّض 36/36 فهذا زُهراب الحارة بلا منازع..
الملاحظ آنذاك أنه في صور الأعراس أو حفلات “العقود” كان هناك من هو أهم من اسم الفيلم المستخدم في التصوير ويظهر أكثر بكثير من شعار الشركة المصنّعة للفيلم ، وهو ما يعرف بــ”قاروط الحفلة”، في كل صورة يجب أن تشاهده عنوة ؛ ما أن تجلس العروس على كرسي الصمدة تجده يقف أمامها وينظر للكاميرا ، أثناء تلبيس العريس للذهبات يقف “قاروط الحفلة” في المنتصف بينهما ، عندما ترقص ام العريس وام العروس بالبشكير يكون مبتسماً تحت إبطيهما ،أثناء رشّ الحلو يكون أول من يلتقط التوفي من أيدي العرسان ، أُثناء تحناية العروس يكون هو من يمسك “الزبدية” ، في الصور التي تظهر كتبت الكتاب أيضاَ تجده واقف فوق رأس الشيخ ويبتسم للكاميرا وكل من يراه من أهل العروسين يسأل “منين القاروط هاظ”؟؟ وأحد لا يعرفه .
من المستحيل ان تجد صور حفلة جرت في الثمانينات والتسعينات دون أن تجد “قاروط الحفلة” فيها ويحتل صورها، فهذا (الشيء) موجود في كل عرس ويحتل كل الصور ، بحيث يعجز العريس والعروس عن إيجاد صورة خاصة بهما لبروزتها ووضعها في غرفة الجلوس على الطريقة المصرية بسبب ظاهرة “قاروط الحفلة”..وإذا ما وجدتم صورة لعروسين مبروزة في أحد البيوت الأردنية وبينهما وردة مبالغ فيها “فوتو شوب” فاعلموا أن المصوّر قد غطى على قرعة “حريق الحرسي” قاروط الحفلة..
السياسي في بلدي مثل “قاروط الحفلة” يريد أن يبقى في مركزه مدى الحياة ويصر على البقاء في صورة صنع القرار السياسي ، بالرغم من احتراقه شعبياً ،وكره الناس لوجوده، ومحاولات حذفه من المشهد العام..هو يعتقد أن ظهوره الدائم واحتلاله هذا المركز بالخاوة او بالرشوة او بالقوة نجاح واحتراف..وهو لا يعرف انه جنوح واحتراق…كل من يمارس السياسة بهذه الطريقة هو “قاروط حفلة” وان كبر مسمّاه…يا أخي حتى السياسة لا يجيدون لعبها…غب عن المشهد قليلاً لتحضر طويلاً، دع كرسيك يشغر قليلاً لتفتقدك الناس وتنادي بك…أبداً..الجلوس على الكرسي بكل الوسائل حتى لو تحلل فوقه و تقيأت الناس من الرائحة و الصورة كلها..

شخصياً..صرت أقفل التلفزيون فور قدوم نشرة الأخبار..لا احتمال لدي لأرى ما أرى…فقد احترق الفيلم كله!.

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى