السنافر / سهير جرادات

السنافر

السنافر شخصيات خيالية ابتكرها رسام بلجيكي في منتصف القرن الماضي، بعد فشله في الحصول على وظيفة محترمة ، ولتراكم الديون عليه قبل العمل في مهنة بسيطة في استوديو للرسم ، وعمل مع رسامين مبدعين ليظهر ابتكاره في تصميم هذه الشخصية ذات القامة القصيرة تلبس اللون الأزرق والقبعات البيضاء، تعيش في قلعة بالغابة، وبيوتهم على أشكال الفطر.
يحاكي المسلسل الكرتوني الثقافات جميعها ، ورغم أنه موجة اصلا للاطفال الا أن جميع الأعمار حتّى الكبار أشادوا بها وأحبّوها ، كون شخصياتها تتنوع صفاتهم مثل البشر حيث نجد تشابه بين صفاتهم مع صفات البشر ، مثلا شخصية بابا سنفورالحكيم الكيميائي البارع في ايجاد حلول للمشاكل التي يثيرها السنافر، ويرشدهم للطريق الصحيح ، وسنفور المفكر الذي يأخذ الأمور بجدية وهو العقل المدبر لمعشر السنافر، وسنفور الأكول، تعرفه من رائحة الكعك والحلوى التي تنبعث من بيته ، وسنفور المازح الذي يحب المزاح ويحمل معه صندوق الهدايا الذي ينفجر في وجه من يفتحه ، سنفور كسول : ! احب مقولة ” متى يحين موعد النوم ” ، والمغرور والّذي كان يبتعد عنهم لشدّة غروره ، سنفور طماع ، وحكمته ” نحن نعيش لنأكل وليس نأكل لنعيش “، سنفور غضبان ، صاحب مقولة ” لاأعرف ولأأريد ان أعرف” ، وهناك أيضا سنفور الشّاعر، والمزرارع ، و العبقريّ، والمغامر، والقوي .
تعيش جميع هذه الشخصيات في غابة جميلة قد تكون في أي بقعة على الآرض ، وهناك دائما رجل شرير ذات شخصية مختلفة تكن العداء للسنافر ، ودائم الازعاج لهم ، هدفه حبسهم وقطع أرزاقهم ، وتدعى هذه الشخصيّة شرشبيل المشعوذ الكبير، الذي يسعى للقضاء على السنافر وكل ما يتمناه القبض على عليهم إمّا ليأكلهم ، أو ليحوّلهم إلى ذهب يستفيد منه، وهوصاحب العبارة الشهيرة: ” أنا أكره السنافر ، سأنتقم منكم.. سأقضي عليكم ..ولو كان ذلك آخر يوم في حياتي ” ، والذي يستند في عمله الى شخصية الجاسوس،و الممثلة في القط الأحمر المشاكس ويدعى هرهور.
السّنافر جمع سنفور، وتطلق على من لا يعرف شيئا ، وهي شخصيات تصلح لكل زمان ومكان، ومستمرة وهي حية لا تموت ، خاصة أنها نجحت في إيصال أفكارها بشكل غير مباشر، فمنها ما يحمل الفكر الماركسي تحت القبعة الحمراء ، أو الفكر الرأسمالي ، أو تُترجم مبادىء الدولة المدنية ، أو الدينية..
بقي أن نقول إن شخصيات السنافر تم ابتكارها من واقعنا الذي نعيش ، وتمثل كل منها شخصيات مشابهة توجد في كل المجتمعات ، وتتكرر عبر الزمن ، لكنها تختلف في أدوارها وما تحمله من أفكار ، أو استخدامات ، فيما الشيء الوحيد الثابت هو شخصية شرشبيل المكررة على نطاق ضيق في المجتمعات ، وتعتمد على بابا سنفور الذي يشتهر بتقديم المعلومات لشرشبيل ، ويرشح له أسماء السنافر، ويتابعها عن قرب، كما يحركها عن بعد،إلى جانب القط ” هرهور “،الذي ينتشر على نطاق واسع ، ويمثل شخصية الجاسوس الذي يعمل متطوعا ، ويطلق عليه بالعامية مصطلح “محراك الشر ،أو نقال الحكي” .
” السنافر” ، وإن توقفنا عن مشاهدة المسلسل ، أو حتى لو توقف انتاج حلقات جديدة منه، إلا أننا نشهد يوميا في الواقع عروضا لنماذج ” سنافر بشرية ” ، تعيش بيننا وتقتات علينا ، تدار من قبل “شرشبيل” الذي يسانده ” هرهور” و” بابا سنفور” ، في وضع المخططات التي ينفذها سنفور، فلم يعد سنفور صغير الحجم كما اعتادت عليه أعيننا ،فقد كبر مع الأيام ، وفاق حجم تلك الدوائر والمؤسسات التي زرعه بها ” شرشبيل” .. .

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى