الدوار الرابع مرة أخرى / د. رامي عياصره

الدوار الرابع مرة أخرى
د. رامي عياصره

ما يجري على الدوار الرابع ليس حراكا شعبيا عابرا او مؤقتا، من الواضح انه بات يشكل نهج شعبي جديد يوازي النهج الرسمي الذي تتم المطالبة بتغييره، هذا النهج الشعبي يتبلور ويتشكل مدفوعا بحالة تراجع شاملة يعيشها الواقع الاردني وعلى جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومحاطة بعدم وجود ادنى درجات الثقة بكل ما هو رسمي، ومحاصرة كذلك بانعدام رؤية للضوء في الانفاق التي سلكتها الحكومات المتعاقبة وادخلتنا فيها.
عنوان المطالبات التي يحملها حراك الرابع هو تغيير النهج، هذا العنوان كبير وعريض يشمل النهج السياسي الى جانب النهج الاقتصادي وغيره، وهو تعبير آخر من تعابير الاصلاح الشامل الذي مهما يحيد عنه صانع القرار يبقى هو المطلب الجماهيري الابرز للعبور الى المستقبل.
مرورا بكل هذا الحديث لابد من لفت الانظار الى أن ثمة متغيرات طرأت على الحركة الاحتجاجية منذ بداية الربيع الاردني الى هذه اللحظة ابرزها أن الكتلة الاكبر من الحركة الاحتجاجية تمثل قطاع الشباب من جيل التسعينيات الذي يظهر حيوية كبيرة في حضوره في الشارع متخطيا كل عوامل الاعاقة والتثبيط بما في ذلك محاولة تقييده على السوشيال ميديا من خلال مشروع قانون الجرائم الالكترونية أو غيرها من انواع الرقابات الاخرى.
المتغير الآخر أن هوامش التجاوب الشعبي مع الوعودات وتغيير الوجوه والحكومات باتت اليوم ضيقة ان لم تكن معدومة، مما يرتب على صانع القرار ادراك ان سياسة تقطيع الوقت غير مفيدة في هذا الظرف بالغ الحساسية والخطورة.
هذا يستدعي بلورة خارطة طريق وطني وبارادة تعكس حاجة ذاتية للاصلاح الشامل وفق برنامج زمني محدد ينبثق عن حوار وطني شامل وعقد اجتماعي جديد.
الى ذلك فان محاولة تجاهل هذا الحراك في الاعلام التقليدي هي محاولة بائسة تعبر عن عقلية قديمة في استخدام ادوات عفى عليها الزمن وتجاوزها التاريخ بسبب وجود المواطن الصحفي الذي يجيد التعامل مع ثورة تكنولوجيا الاتصال الرقمي.
خلاصة الامر أن حركة الاحتجاج الشعبي التي نراها اليوم على الرابع قد تنتقل الى المحافظات التي تحمل موجبات تحركها اكثر من العاصمة، وهي مختلفة عن سابقاتها وغير تقليدية، وما كان غير تقليدي يجب التعامل معه بجدية وبغير الادوات التقليدية، ما يعني الاصغاء لمطالب الشارع والاستجابة لها وفق مبدأ تحويل التحديات الى فرص.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى