التربية والتعليم إلى أين ؟؟ / د . حسين عبيدات

التربية والتعليم إلى أين ؟؟

اليوم أنهى طلبة المدارس الاختبار الثاني وبعد اسبوعين بالضبط ستبدأ اختبارات منتصف العام وعلى المعلمين أن “يسلقوا ” ما تبقى من المنهاج في غضون هذه المدة الزمنية وعلى رأي المثل ” قرو ولاد يعبد ولا عمرهم لا قرو”. والأهم من كل هذا أن على المعلمين أن يكتبوا هذه الدروس التي لم تدرس في دفاتر التحضير على أنها درست بطريقة مثالية وسيتم مراجعة دفاتر التحضير من ذوي الاختصاص. إلى أي “صاحب ضمير” بالله عليكم أسندت مسئولية تعليم أبنائنا؟ هل يعقل أن يمضي الطلبة تسعون يوم عمل على مدار العام في الاختبارات المدرسية؟ كم يوم عمل بقي في العام الدراسي للتعليم؟ أما التربية فلا تسأل عنها. والدولة كما يقولون “أذن من طين وأذن من عجين”. ويتساءل الناس لماذا لا يعرف طلاب المدارس في المراحل الالزامية المتقدمة القراءة والكتابة؟ والمضحك المبكي أن وزير التربية اعترف بعدم قدرة الطلاب في المراحل الأولى على القراءة والكتابة. لقد جاء اعترافه في نهاية العام الدراسي الماضي وما كاد العام الدراسي الجديد يبدأ حتى فاجأنا بتصريح مفاده أن مستوى الطلبة قد تحسن في الفراءة والكتابة. هذا زمن المعجزات.
لو كان لدينا نظام للمساءلة لحاسبنا الوزارة على رسوب مئة الف طالب في الثانوية العامة من مئة وثلاثين ألف تقدموا للامتحان. مالذي كان يفعله هؤلاء الطلبة في المدارس على مدى سنوات طويلة؟ وهل تعتقدون أن من نجح نجح بجهد الوزارة؟ لا يا سادة. قسم ضئيل من هؤلاء نجحوا لأنهم أذكياء بالفطرة والباقون وهم الأغلبية نجحوا لأنهم تلقوا تعليما خاصا وأنفق عليهم أهلهم أكثر مما ينفق على طالب في الجامعة طيلة سنوات الدراسة.
لماذا يمضي الأهل اليوم ساعات تكافيء ساعات الدراسة في المدرسة وهم يعلمون أولادهم إذا كانوا يتلقون تعليما صحيحا في مدارسهم؟ لماذا يضطر معظم الناس إلى فتح مدرسة تدريس خصوصي في بيوتهم في معظم المواد وينفقون على هذا التعليم الموازي فوق ما يطيقون؟ لماذا بات معظم أهالي طلبة الثانوية العامة ينفقون ثروات هائلة على التعليم الخصوصي لأبنائهم ويضطرون لحجز مقاعد عند معلمي الرياضيات والفيزياء والكيمياء وغيرها قبل سنة من بدء الصف الثاني عشر؟ وهؤلاء ليسوا استثناءا بل هم الغالبية العظمى ولا أحد يسأل الوزارة عن ذلك لأنها فوق المساءلة. والانكى أنها تجير ثمرة الإنجاز والنجاح لحسابها.
غرف الصف ومضمونها ومحتواها هو هو منذ عشرات السنين وإن تغيرت ألوانها ونوعية بنائها. فلماذا لم يكن طلاب المدارس في الماضي يعرفون التدريس الخصوصي؟ ولماذا لم يكن الأهل يعرفون الصف الذي يدرس فيه أبناؤهم، ناهيك عن تدريسهم، في حين يمضي الأهل اليوم ساعات طوال في تدريس أبنائهم. حتى اللعب خارج المنزل لم يعد متاحا لأولاد المدارس بسبب الواجبات والتدريس المنزلي في حين كان الأولاد يلقون حقائبهم على أبواب المنازل ويلعبون حتى مغيب الشمس ونسبة نجاحهم في الثانوية العامة أعلى مما هي عليه اليوم؟ حتما لم يكونوا أكثر ذكاءا من جيل اليوم، فأين الخلل ومن المسئول؟ والجواب بكل تأكيد هو وزارة التربية والتعليم التي لم يعد فيها لا تربية ولا تعليم.
دولة مثل فنلندا هي الافضل تعليما في العالم ومع ذلك طلابها يداومون من ثلاث إلى أربع ساعات يوميا وليس لديهم واجبات منزلية ولا يحتاجون لمن يدرسهم في البيت ولا تدريس خصوصي ولا تسعين يو عمل اختبارات، بل ليس عندهم اختبارات اطلاقا ومع ذلك الأفضل تعليما على مستوى العالم. لماذا؟ هل مناهجهم مازالت هي هي لم تتغير منذ عشرات السنين.؟ وهل يغيرون كتبهم كل سنة كما نفعل نحن في الاردن؟ وهل لديهم دكتاتورية في التعليم كما هي لدينا؟ ربما تعليمهم في فنلندا بحاجة إلى إصلاح وعليهم أن يستفيدوا من التعليم عندنا.عليهم أن يكفوا عن التعليم بالتلقين وينتقلوا إلى الإبداع والتعلم الابداعي واستخدام اسلوب الحوار والنقاش في التعليم وتخليص الكتب من الحشو الذي لا طائل تحته وتاريخ اوروبا البائدة الذي لم يعد يدرسه الأوروبيون والتركيز على كل ما هو مفيد وتفجير كل طاقات الابداع لدى الطلبة في شتى المجالات. عليهم ان يستفيدوا من كل هذا. كيف لا وقد أنجزنا كل ما نحن بحاجة إلى إنجازه. لقد قضينا على الغش في امتحان الثانوية العامة!!
نحن لسنا بحاجة إلى إصلاح التعليم، بل نحن بحاجة إلى ثورة قي إصلاح التعليم تبدأ بمحاسبة المسئولين عنه. وحمى الله الاردن.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى