الإجابات الغائبة / ماهر ابو طير

الإجابات الغائبة

احتفت الحكومة بإقرار تعديلات قانون ضريبة الدخل، دون ان تحدث أي فوضى في البلد، مقارنة بما حدث ابان عهد حكومة هاني الملقي، وكان هذا هو التحدي الكبير امامها، أي تمرير التعديلات، دون حدوث فوضى او مسيرات او احتجاجات، وهذا ما كان يقلقها، وهي قد خرجت للتو من حادثة البحر الميت، وضحايا السيول، وجاءت على انقاض مرحلة نددت بالضرائب أساسا.
حسنا، لقد مرت التعديلات، بأقل ضجيج، وتوارى النواب الذين اقروا القانون، وراء عنوان يقول ان الخزينة مهددة، وان إقرار التعديلات يأتي بناء على طلب الدول المانحة، وصندوق النقد الدولي، وان عدم إقرار هذه التعديلات سيؤدي الى تداعيات خطيرة على الخزينة، والاستقرار العام في الأردن.
بعد إقرار هذه التعديلات، هناك سؤالان مهمان، أولهما يتعلق بتأثيرات الضريبة على غير المشمولين بها، والكل يدرك ان بائعي السلع والخدمات والمنتجين، وغيرهم ممن سيتأثرون بهذه الضريبة سوف يسعون الى تعويض ارباحهم الناقصة، من جيوب المواطنين، دون استثناء احد، وهذا يعني اننا امام موجة غلاء جديدة، تشمل كل الأردنيين دون استثناء، بما ينفي الكلام، عن كون الضريبة تمس فئة قليلة محددة، ويؤشر كما كل مرة، على ان الكل سيدفعون الثمن.
نتائج هذه التداعيات، مزيد من الجمود الاقتصادي، والتباطؤ، لان الانفاق سوف ينخفض اكثر، ولان مشاريع كثيرة، قد تواجه الاغلاق، ولان احتمال الناس لم يعد متاحا بعد كل هذه التغيرات الجذرية على بنية حياتهم، وهي تغيرات لها كلف اجتماعية، تبدأ بالجرائم، وتمر عبر التفكك الاسري، وتصل حد ارتفاع نسب الطلاق، وتفشي المخدرات وغير ذلك من امراض.
ثانيهما، يتعلق بالذي ستفعله الحكومات المقبلة، لمواجهة الإشكالات الاقتصادية ذاتها، من ديون وفوائد ديون وعجز، فاذا كانت الحكومات لدينا قد استنفدت كل خياراتها، ووصلت حد اجراء تغييرات على ضريبة الدخل، فما الذي ستفعله الحكومات القادمة، لحل الاشكالات ذاتها، وهل سيتغير قانون ضريبة الدخل مجددا، ام تتغير ضريبة المبيعات، ام سيتم اللجوء الى فرض ضرائب جديدة، بما في ذلك الضرائب على المغتربين، وهي خطوة مؤجلة، ومحتملة.
هذا يعني ان الحكومة والنواب، تعاملوا مع تعديلات ضريبة الدخل التي تم إقرارها، باعتبارها طوق نجاة الأردن، وكل هذا من اجل ان تمر هذه التعديلات، لكننا سوف نكتشف اننا في عام 2019 سنكون امام إجراءات جديدة، لان الازمة الاقتصادية تتعمق، والديون وفوائدها تتزايد، ولا تتراجع.
ماذا سيقال للناس لحظتها، بعد ان تم تقديم التعديلات الأخيرة، باعتبارها التعديلات التي تنقذ الأردن واقتصاده، فيما سيتبين لاحقا، انها قد تكون مجرد حلقة في سلسلة طويلة، وان الامر لن يقف عند هذه الحدود.
الإجابة على السؤالين، غائبة، لان المنطوق الرسمي، يصر على ان الفقراء لن يتضرروا في الأردن، وتعويض الضرائب الجديدة سيتم بطرق مختلفة، من جانب الذين سيدفعونها، كما ان لاحكومة في الأردن، قادرة على ان تصدر بيانا تقول فيه، ان لا اجراءات اقتصادية جديدة، العام المقبل، او الذي بعده، ولو كانت هناك حكومة قادرة على اصدار هذه الضمانة، لربما يقبل الناس، ما حل بهم باعتبار ان هذه هي نهاية المطاف، لكن الكل يدرك استحالة ذلك.
ما يمكن قوله أخيرا، اننا امام مبدأ جدولة الازمات، بدلا من حلها، وهذا مبدأ مكلف، وسيؤدي الى مزيد من التحديات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى