تقرير الصندوق.. تحديات وتحذيرات / سلامة الدرعاوي

تقرير الصندوق.. تحديات وتحذيرات
ليس صحيحا أن سنة 2016 ستكون بداية الانخفاض لمعدلات نمو الدين وتوقف ارتفاع هيكله، فالتقرير الأخير لصندوق النقد الدولي أشار بوضوح إلى أن المديونية ستناهز الـ95.1 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي، وهو أمر منافٍ لتعهدات الحكومات، وتحديدا حكومة النسور التي كانت تقول إن هذه السنة ستشهد تراجعا بالمديونية، ليضاف هذا التزوير إلى ملفات التزوير والفهلوة السابقة لها.
الصندوق أشاد بصمود الأردن بوجه التحديات الخارجية، خاصة فيما يتعلق بأزمة اللاجئين، لكنه غمز بطريقة غير مباشرة الى دور المساعدات والمنح في هذا الأمر، وهذا صحيح، لكن ما زالت تعهدات المانحين بتقديم المساعدات للمملكة لمواجهة ازمة اللاجئين السوريين دون التعهدات، لا بل إن مخرجات مؤتمر لندن كانت على أرض الواقع مخيبة للآمال، فلغاية الآن لم يصل الأردن سوى 300 مليون دولار من أصل 700 مقررة لهذا العام، وهنا نتساءل عن دور الصندوق في حث المانحين على الوفاء بالتزاماتهم؟.
الإشادة باحتياطات المملكة من العملات الصعبة والثناء على السياسة النقدية هو أمر واقعي وحقيقي، فالبنك المركزي هو المؤسسة الرسمية الوحيدة التي كانت تعمل بشكل مهني وفاعل في حماية الاقتصاد والدينار، وقد نجحت في ذلك قولا وفعلا، لكن الاحتياطات والاشادة بها كانت قبل اتفاق الصندوق، في حالة تراجع بسبب العديد من العوامل، ومع ذلك لم يصل التراجع لمستويات مقلقلة ابدا (12.5) مليار دولار، لذلك كانت لوديعة الصندوق (723) مليون دولار دور ايجابي في وقف موجة هبوط الاحتياطات.
رسالة الصندوق للاردن في التقرير الاخير كانت واضحة للغاية، وهي شطب الاعفاءات الممنوحة في الاقتصاد سواء في الجمارك او الموازنة او حتى في الاستثمار، وهذا الامر سيجعل الحكومة تفكر جديا في اعادة النظر في هذه الاعفاءات والتاكد من جديتها واستفادة الاقتصاد الوطني منها، وهو ما يشكل تحدٍ كبير على وزارة المالية وباقي المؤسسات المعنية بالضريبة والجمارك والاستثمار، والتحدي يكمن في الموازنة بين الاعفاءات وآليات جذب الاستثمار.
صندوق النقد حذر الحكومة صراحة من استمرار معدلات النمو الاقتصادي على شكلها الراهن الذي يتسم بالتباطؤ، إضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة وبقاء اعداد اللاجئين على وضعها الراهن، إذ إنها ستكون أكبر مشكل يواجهها الاقتصاد في المرحلة المقبلة ما لم يكن هناك اجرءات كفيلة بالنهوض بتحفيز الاقتصاد والوصول الى مستويات آمنة قادرة على خلق فرص عمل لاكثر من 88 الف خريج سنويا من الجامعات والكليات، خاصة أن الأوضاع الاقتصادية في دول الخليج العربي ليست كما كانت في السابق، فهي تعاني من مشاكل اقتصادية هيكلية كبيرة مع انخفاض اسعار النفط العالمية، ما ينذر بعودة الكثير من الاردنيين في الخارج الى المملكة، حينها ستتضاعف المشاكل امام الاقتصاد الوطني.
تحذيرات الصندوق واضحة حقيقية ولا تخفى على أحد، لكن مواجهتها ليست محصورة بالاردن، وإنما هي تحديات جلها له امتدادات خارجية عميقة، كانت المملكة فيها المتلقية للصدمات التي تحملها بشكل يفوق إمكانتهغ وقدراتها، لذلك الصندوق مطالب اليوم بإثبات صدقية تعامله مع الاردن الذي التزم معه منذ العام 1989 بكل برامج التصحيح، أن يساعده لدى المانحين للوفاء بالتزماتهم تجاه استقرار الاقتصاد الوطني من تلك التحديات.
.salamah.darawi@maqar.com

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى