تَـعَـلّـمْ السـيـاسـة في خـمـس دقـائـق! / د . ناصر نايف البزور

تَـعَـلّـمْ السـيـاسـة في خـمـس دقـائـق!
لا شَكَّ أنَّ الكثير من الأردنيين والعرب يُحِبّون تحقيق أهدافهم بأقصر الطُرُق ولو كانت سخيفة أو مُريبةً ظاهراً وباطناً! لذلك فقد رأينا الكثير ممَّن حاولوا أن يتعلّموا بعض اللغات الأجنبية من خلال كُتُب النصب والاحتيال “تَعَلّمْ الإنجليزية في خمسة أيام” أو ” تَعَلّمْ الفرنسية في سبعة أيام “! وقد حاولتُ في صغري أن أتعلَّمْ سبع لغات في شهر واحد، فاشتريت سبعة كُتُب “من هالشِّكِل” وقرأتها عشرات المرّات، وكانت المُحَصِّلة أنَّني خَرَجْتُ “مثل مصيّفة الغور” بلا أيِّ لُغة سوى العربية الركيكة!

أمّا هذه المخطوطة الفريدة ” تَـعَـلّـمْ االسـيـاسـة في خـمـس دقـائـق ” فهي حقيقية و واقعيِّة وناجعة بنسبة 95%!

فعندما كُنتُ في الصف الاوَّل الابتدائي كان مصروفي اليومي للمدرسة يتجاوز الربع دينار (خمسة وعشرين قرش) قرش ينطح قرش عندما كانَ “أتخن” طفل في المرحلة الإبتدائية يحصُل على “قرطة”، أي “قرشين ونصف” بلغة العصر الجاهلي في السبعينيات ومطلع الثمانينيات!

وكُنتُ دائماً متفوِّقاً دراسياً و جسدياً ورياضياً ومادياً، وهذه خلطة سحرية لا تحصُلُ إلاّ في بعض الحالات شبه النادرة؛ فقد تَجِدُ المتفوِّقين مادياً من المتأخِّرين دراسياً أو بدنياً؛ أو المتفوِّقين بدنياً من المحرومين ماديّاً وهكذا دواليك! ولكِنَّ الله زادني “بسطة في العلم والمال والجسم”!

مقالات ذات صلة

وكما يحلو لأختي أم حمزة ان تَصِفَـني، فقد كُنتُ على حدِّ قولها “داهية من دواهي العرب”، وهذا شرفٌ لا أدّعيه لنفسي! ولكي أبسط نفوذي على أكبر مجموعة من الطلبة بأقَلّ الخسائر وبأكبر فاعلية ممكنة، فقد كُنت بالفطرة السياسية الطُفولية أتَّبِعُ سياسة “شراء الذمَم”! فكُنتُ أعطي بعض الطلبة قرشاً أو قرشين أو ثلاثة ليقوموا بخدمتي وتلبية طلباتي وتنفيذ مُخَطَّطاتي وبسط هيمنتي؛ فَكُنتُ الآمِرَ، الناهي، المُهاب، المُطاع، المحبوب المطلوب!

أوَليسَتْ هذه هي السياسة نفسها التي تَتّبعها الولايات المُتّحدة الأمريكية وكافة الدول الاستعمارية في تسيير أمور الكون؟ فهي تقوم بتقديم ما يُسَمَّى بالمعونات الاقتصادية والعسكرية لدول المنطقة كُلٍّ حسب سعره وقيمته وفائدته ليقوموا بدورِهِم بخدمتها وتلبية طلباتها وتنفيذ مُخَطَّطاتها وبسط هيمنتها؛ حتّى أصبَحَ السيِّد الامريكي هو الآمِر، الناهي، المُهاب، المُطاع، المحبوب المطلوب!

فهل هُناك دولة شرق أوسطية لا تتقاضى نصيبها من المعونات الأمريكية السخيِّة، فَيُسَبِّح بِحَمدها بالغُدو والآصال رِجالٌ لا تُلهيهِم مبادئ ولا وطنيَّةٌ عن ذكر امريكا! ومَن خافَتْ أمريكا نُشوزها فإنّها تَهجُرُها في المضاجِع ومن ثمَّ تضربُها ضَرباً مُبرحاً حتّى لا تُفَكِّر النساء الأخريات (أعني الدول الأخرى) يوماً بالنشوز!!!! واللهُ أعلَمُ وأحكَم!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى