البيانُ العسـكريّ الأول / ضيف الله قبيلات

بسم الله الرحمن الرحيم
البيانُ العسـكريّ الأول
إنّها العاصمة, المدينة المنورة, تُخرج بيانَها العسكريّ الأول بعد رسائل النبي عليه السلام إلى حكّام ذلك الزمان, و يكون في قادتها ثلاثة من خيرة رجال الدولة الجديدة, و معهم قائدٌ آخر سيخوض معركته الأولى بعد إسلامة في جيش مؤتة.
إذن, دع قريشاً و قبائلها ترتدُّ مذعورة, و دع القبائل العربية النصرانيّة تتمرّد أو تُعيد النظر في مواقفها, و دع الأمة التي تتشكّل تلتقط لحظة نادرة في التاريخ, و تقول لهم: إنَّ رِقاب عسكَرِ روما, و مثلها فارس, ليست بعيدةً عن سيوف المسلمين.
ماذا عليهم إذا كان العددُ قليلاً… و هل كان كثيراً في بدر أو أحد أو الخندق؟, و هذه حرب رسالةٍ لا حرب سلبٍ و نهب, و على هذه القبائل التي ما تزال على كفرها خارج المدينة,أو المتاخمة للعراق أن تعيد النظر في موقفها, و كان كذلك… فدخل في الإسلام أعدادٌ كبيرة من بني سليم, و من أشجع و غطفان, و من عبس و ذبيان و فزازة…
إنّها ميزان جديدة للحرب و الشهادة و التحدّي, و ميزان لاختيار القادة… فقد عُين زيد بن حارثة عتيق النبي و مولاه أميراً على سادة كبار ” جعفر و خالد و ابن رواحة… من آل البيت و بني مخزوم و الأنصار”.
و كان عليهم أن يتعلّموا من دينهم معنى الآية الكريمة ” كَم من فِئةٍ قليلةٍ غَلَبت فِئةً كثيرةً بإذن الله و الله مع الصابرين”.
و أن يلتزموا بوصايا قائدهم التي تجسد سمو الرسالة و الغاية, و قانون الحرب الجديد الذي يحمي النساء, و الأطفال, و الشيوخ, و الممتلكات, و الزرع, و رجال الدين… فهذه ليست معركة عابرة, و فرسانها خلق جديد يخرج من الجزيرة حاملاً مصحفاً, و سيفاً, و إرادة بالنّصر أو الشهادة, إنّهم يُقاتلون و في أسماعهم كلامُ الله “قَدْ كان لكم آيةٌ في فِئتينِ التَقَتَا فئةٌ تُقاتلُ في سبيلِ الله و أُخرى كافرةٌ يرونهم مِّثلَيهِم رأْيَ العينِ و الله يُؤيِّدُ بِنصرِهِ مَن يشاءُ إنَّ في ذلك لَعِبرةً لأُولي الأبْصارِ”.
عن كتاب فُتات الحنين للدكتور خالد الكركي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى